منح اتحاد الناشرين الدوليين، الاثنين الماضي، جائزة “فولتير” لحرية الرأي للعام الجاري 2023 للكاتب والصحفي والناشر العراقي المغيّب مازن لطيف، بعد ترشيحه من قبل “جمعية الناشرين والكتبيين” في العراق.
وتُمنح الجائزة للشخصيات التي أسهمت في الدفاع عن حرية النشر وتعزيزها، ويرى القائمون عليها أن الناشر حين يسهم في نشر أفكار المؤلفين فإنه يتحمل نفس المخاطر التي يتحملها الكاتب، ومن هنا تأتي أهمية تكريم حرية النشر.
ومازن لطيف هو مالك دار نشر “ميزوبوتاميا”، وشخصية معروفة بين الأوساط الثقافية والفنية العراقية، وشارك بفعالية في الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة بغداد وعدد من محافظات الوسط والجنوب عام 2019.
وفي الأول من فبراير/شباط من عام 2020، أعلنت عائلته ومقرّبون منه فقدان الاتصال به، وما يزال مصيره مجهولا حتى الآن، رغم الدعوات والمناشدات من مثقفين وناشطين للكشف عنه.
“غُيّب قسرا”
تقول عضوة جمعية الناشرين والكتبيين في العراق غادة العاملي، إن لطيف كان عضوا فاعلا فيها قبل أن يتعرض “للاختطاف” ويصبح مصيره مجهولا.
وأوضحت غادة للجزيرة نت، أن لطيف “غُيّب قسرا” و”لطالما طالبنا الحكومة وشخصيات سياسية بالكشف عن مصيره لكن دون جدوى”.
وتضيف غادة، وهي رئيسة تحرير جريدة المدى البغدادية، أن الجمعية رشّحته قبل فترة وجيزة لهذه الجائزة، مشيرة إلى أن الجمعية ستمثله عند استلامها، مستدركة بأن “الأمر يحتاج بعض الإجراءات الخاصة بمنح التأشيرة إلى سويسرا حيث مقر اتحاد الناشرين الدوليين”.
رسالة للحكومة
من ناحيته، يرى رئيس مرصد الحريات الصحفية زياد العجيلي أن حصول لطيف على جائزة دولية وهو مغيّب، بمثابة رسالة إلى الحكومة العراقية مفادها أنها أهملت ملف المغيبين من الكُتاب والصحفيين، وليس لها موقف نهائي ورسمي من هذا الملف، مشيرا إلى أن المنظمات المحلية والدولية أكثر اهتماما بالمغيبين “بينما تحاول السلطات طمس الحقائق”.
وقال العجيلي، في حديث للجزيرة نت، إن ملف المغيبين يفترض أن يكون لدى وزارة الداخلية، وعلى وزيرها الإعلان صراحة عن آخر التطورات بخصوص نتائج التحقيقات الخاصة باختفاء لطيف وكُتاب وصحفيين آخرين، بعد مرور أكثر من 3 سنوات على فقدان الاتصال به.
الداخلية.. لا تعليق
ولم تعلق وزارة الداخلية أو تبين ظروف اختفاء لطيف حتى الآن، غير أن معلومات أشارت في حينها أنه تعرض للاختطاف من قبل مسلحين مجهولين يستقلون سيارتين من نوع (بيك آب) من منطقة الميدان القريبة من شارع المتنبي الشهير بالمكتبات والمنتديات الثقافية وسط بغداد.
وجاء اختطافه بعدما تلقى الناشر العديد من التهديدات، خاصة أنه كان من بين الناشطين المشاركين في الاحتجاجات الشعبية ببغداد عام 2019.
وأطلق المركز نداء للكشف عن مصير لطيف وكذلك الصحفي توفيق التميمي والعديد من زملائهما الذين اخُتطفوا أو قُتلوا وغُيبوا، ودعا إلى محاسبة مرتكبي تلك الجرائم وتقديمهم للعدالة.
وكان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني تعهّد في برنامجه الحكومي بالكشف عن قتلة المتظاهرين والناشطين وإعلان ذلك أمام الرأي العام. وعلى الرغم من مرور 7 أشهر على تشكيل حكومته لم يحدث أي تقدم يذكر في هذا الملف.
ووجّه السوداني، منتصف فبراير/شباط الماضي، بالإسراع في الإجراءات التحقيقية للتوصل إلى “المتورطين” بسقوط ضحايا ومصابين في “تظاهرات تشرين”، مؤكدا أن نتائج التحقيقات سيتم عرضها علنا.
مذكرة سابقة
ويؤكد رئيس تجمع “عقول” (تجمع مفكرين وفنانين مستقل) قاسم حسين صالح، وهو صديق مقرب من مازن لطيف، أنه قدم مذكرة إلى رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي جاء فيها أن “أنظار المثقفين في العراق متوجهة نحو شخصكم للعمل على إيجاد المغيب مازن لطيف وكذلك الصحفي توفيق التميمي حيث اختطفا في وقت واحد بسبب مشاركتهما في الاحتجاجات”، منوها في حديث للجزيرة نت إلى أن المذكرة حملت تواقيع 243 شخصية وطنية داخل العراق وخارجه، ولكن للأسف لم يحصلوا على نتائج.
وبيّن صالح، وهو أيضا رئيس الجمعية النفسية العراقية، إلى أن لطيف كاتب واعلامي وناشر وشخصية مثقفة كان يشارك في المؤتمرات والندوات السياسية والثقافية التي تعقد داخل العراق وخارجه. و”كان حريصا على نشر نتاجات العقل العراقي”، مشيرا إلى أن علاقته به تعود إلى تسعينيات القرن الماضي في الجامعة المستنصرية.
يُذكر أن مازن لطيف من مواليد بغداد عام 1973، وحاصل على الدرجة الجامعية الأولى في علم النفس، وهو عضو فعال في اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، وشارك في تأسيس منتديات أدبية، وعمل مديرا للتحرير في عدة مواقع أدبية.
كما ترأس لطيف قسم البحوث والدراسات في شبكة الإعلام العراقية، وله مؤلفات عدة منها (المثقف التابع) و(علي الوردي والمشروع العراقي) و(العراق.. حوار البدائل)، وأيضا (مثقفون عراقيون) و(يهود العراق تاريخ وعبر).
تابعونا عبر تليغرام