البطاقات الائتمانية وسيلة لتهريب العملة الصعبة
تعددت وسائل تهريب العملة الصعبة إلى خارج العراق، ومنها البطاقات الائتمانية المصرفية، وعلى الرغم من محاولات الجمارك والأمن الحد من عمليات تهريب البطاقات، إلا أن هناك أعداداً كبيرة منها خرجت بشكل أو بآخر إلى دول الجوار.
وتشمل هذه الطريقة تعبئة المهرب عشرات البطاقات بمبالغ كبيرة من الدينار العراقي وتحويلها إلى دولار بالسعر الحكومي الرسمي (1320 دينارا للدولار) في الخارج، حيث تمكنت جهات متنفذة من سحب أموال متفاوتة من عملة الدولار في دول الجوار.
وتحدد التعليمات الحكومية استحواذ المواطن على مبلغ ألفي دولار بحد أقصى عند سفره إلى خارج البلاد، في محاولة للحد من تهريب العملة الأميركية للدول المجاورة وخاصة سورية وإيران.
طريقة جديدة للتهريب
أكدت مديرية المنافذ الحدودية أن استخدام البطاقات الائتمانية المصرفية في تهريب الدولارات، يُعد تكتيكا جديدا لتهريب العملة الصعبة، بعد أن شددت كوادرها إجراءاتها الأمنية في المنافذ الحدودية البرية والمطارات الدولية للحد من عمليات تهريب الدولار (نقداً) إلى خارج العراق.
وقال المتحدث الرسمي لمديرية المنافذ الحدودية العراقية، علاء الدين القيسي، إن الكوادر الأمنية العاملة في المنافذ الحدودية كثفت إجراءاتها للحد من عمليات تهريب العملة عبر البطاقات الائتمانية البنكية، عبر المنافذ الحدودية البرية والمطارات.
وأوضح القيسي في اتصال هاتفي مع لصحيفة “العربي الجديد” تابعته المستقلة، أن عدد البطاقات الائتمانية التي تم ضبطها أكثر من 2400 بطاقة، وتضم مبالغ مالية كبيرة معدة للتهريب خارج العراق، مبيناً، إلقاء القبض على المهربين الذين كانوا يحاولون تهريب هذه البطاقات من قبل كوادر المنافذ الحدودية والمديريات الامنية الساندة.
وبيّن أن المنافذ التي يتم تهريب البطاقات الائتمانية من خلالها هي مطار بغداد والذي يتصدر قائمة المنافذ الأكثر ضبطاً لمهربي البطاقات، حيث تم ضبط 1200 بطاقة تحتوي على مبالغ تصل قيمتها إلى أكثر من 5 ملايين دولار، فيما يتم التهريب عبر منافذ أخرى وهي مطار النجف والبصرة، فضلاً عن المنافذ البرية ومنها منفذ القائم الحدودي مع سورية.
في تأكيد لمخاطر تهريب العملة الصعبة إلى خارج العراق، وابتكار وسائل جديدة لعمليات التهريب أكد المستشار المالي لرئيس الحكومة، مظهر محمد صالح، أن عصابات الجريمة المنظمة استغلت بطاقات المسافرين التي تعد من وسائل تمويل حاجة المسافر للعملة الأجنبية عن طريق البطاقات الائتمانية المصرفية.
وأضاف صالح في حديثٍ صحافي، أن هذه العصابات أخذت تستخدم جوازات سفر المواطنين بطرق غير قانونية لتصدر البطاقات المصرفية التي يتم تهريبها خارج العراق وتسحب مواردها هناك لخلق حوالات سوداء أو تهريب الأموال.
وأعتبر صالح أن هذه الطرق من الاحتيال تُعد من أساليب الجريمة المنظمة وغسل الأموال التي يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات، مضيفاً أن “هذه العصابات أثرت في خلق اضطراب في سعر صرف الدولار.
وأوضح، أن السياسة النقدية التي تتبعها الدولة العراقية والإجراءات الرادعة التي يتم العمل عليها ستسهم بفرض قوة القانون والامتثال للنظام، من أجل الحد من هذه الظاهرة الخطيرة والقضاء على الجرائم الاقتصادية.
مخاطر اقتصادية
من جهته، أكد الباحث الاقتصادي، عمر الحلبوسي، أن أي وسيلة للحد من تهريب العملة إلى خارج العراق لن تنجح بشكل كامل، لأن من يسيطر على السوق المالية ومعظم المصارف الأهلية هي جهات متنفذة تعرف جيداً كيف تحافظ على نفوذها وقوتها المالية من خلال عمليات التهريب.
وأوضح الحلبوسي، خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، أن هناك مهربين يحصلون على الدولار من المصارف بالسعر الحكومي الرسمي، وتساعدهم شركات الصرافة بتعبئة بطاقات البطاقات الائتمانية البنكية، ومن ثم يتم تهريب هذه البطاقات إلى الخارج عن طريق مسافرين للاستفادة من فرق العملة.
وبيّن أن استخدام البطاقات البنكية (الفيزا كارد والماستر كارد) التي تصدرها المصارف وشركات الدفع الإلكتروني هي من الطرق المستحدثة لهذه العمليات ويصعب السيطرة عليها من قبل الجمارك وشرطة المنافذ الحدودية.
وعن حجم الخسائر التي يتكبدها العراق من هذه العملية أوضح الحلبوسي، عدم وجود تقديرات ثابتة لحجم الأموال المهربة عبر البطاقات البنكية، لأن هذه الطريقة ما زالت في بداية الاستخدام من قبل المهربين الذين لجأوا لها كوسيلة تهريب ثانوية وليست رئيسية.
وأضاف أن كل عملية تهريب للدولار تؤثر سلباً على الاقتصاد والسوق المحلية التي تشهد حالة من عدم إشباع الطلب على الدولار، وهو ما يؤدي إلى رفع سعر الصرف الموازي عن السعر الحقيقي في السوق، فضلًا عن ارتفاع التضخم في الأسعار، مما يعزز من فرصة حدوث الركود الاقتصادي.
وأشار إلى أن حجم الأموال المهربة من العراق منذ عام 2003 تقدر بأكثر من 350 مليار دولار، وهي تشكل خسائر فادحة جداً للاقتصاد العراقي الريعي الذي يعتمد على النفط بشكل رئيسي.
وسبق أن فرضت وزارة الخزانة الأميركية والبنك المركزي العراقي ضوابط صارمة على الحوالات النقدية التي تنفذها المصارف العراقية، في محاولة للحد من غسل الأموال وتهريبها، إلا أن عمليات التهريب تشهد تنوعاً في طرق ووسائل خروج العملة، مما يشكل خطراً كبيراً على الاقتصاد الوطني.