بين طالبان وإيران صراع نظامين عقائديين…هل تشعل المياه الحرب؟
توتّرت العلاقات مجددا بين أفغانستان وإيران بسبب نزاع طويل الأمد حيال توزيع مياه سد هلمند الذي يعد مصدرا رئيسيا للمياه في كلا البلدين. وفي 27 ايار وقع اشتباك في نقطة حدودية بين نمروز الافغانية ومحافظة سيستان بلوشستان الايرانية رغم اتفاقية “شفيق-هويدا”عام 1973، ولا يزال الخلاف قائماً بين البلدين. فهل تشعل المياه الصراع بين طالبان وإيران؟
العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر يقول لـ”المركزية”: “الصراع بينهما ممكن، لكن ليس فقط بسبب المياه، فثمة أسباب أخرى عديدة، منها أن طالبان نظام سنّي يقابله نظام شيعي يدّعي أحقيّة بحكم كل العالم الاسلامي، لذلك هناك نظامان عقائديان يعودان الى 1400 سنة في التاريخ وكلّ يدّعي مشروعية خاصة به وأفضلية ليكون الصورة السياسية للاسلام، وهذا هو التناقض الاساسي بينهما. هذا بالاضافة الى ان هناك أقلية شيعية في أفغانستان حاولت ان تلعب دورا عبر عقود من الازمة ولكن فشلت في تحقيق هذا.
الشيء الوحيد الذي يعطي ايران نوعا من دور في أفغانستان هو ان ايران كانت الملجأ الأمين لزعماء القاعدة بعد ان طردتهم القوات الغربية والاميركية من أفغانستان، لذلك كانت لديها قدرة على التدخل من خلال هذا الاسلام السنّي.
قضية المياه هي قضية طارئة على الحدود، منذ ان تسلّم طالبان الامور بعد الانسحاب الاميركي الأخير، لكنها تحمل قضايا خلافية كبيرة قد تأخذ عقوداً قبل حلّها وقد لا تُحلّ إلا بزوال أحد الفريقَين العقائديَين، السني المتمثل بطالبان والشيعي المتمثل بالدولة الاسلامية في ايران. وبالتالي الصراع قائم ومستمر. هذا بالاضافة الى الحساسيات في موضوع الاقليات الشيعية الموجودة داخل إفغانستان عند المناطق الحدودية والتي تؤدي الى مزيد من النفور والتناقض بين السلطتين”.
ويشير عبد القادر الى ان الحروب المقبلة بين الدول ستكون حتماً على المياه. وتعاني كل الدول في الشرق وفي أفريقيا من مشاكل كبيرة حول المياه، ومنها على سبيل المثال بين ايران والعراق، وبين سوريا وتركيا وبين العراق وتركيا، ونهر النيل وسدّ النهضة، وهكذا هو الوضع بين أفغانستان وايران”.
هل يكمن الحلّ في تنظيم وإدارة المياه بين الدول، يجيب: “لا سلطة دولية تقوم بذلك، وهناك فقط قانون الأنهار الذي يحدد حصص كل دولة وفقاً للكيلومترات التي يمرّ فيها النهر داخل الدولة. وهذه المشكلة يعاني منها لبنان أيضا مع سوريا في موضوع نهر العاصي، حصتنا قائمة على نسبة الكيلومترات التي يجري فيها نهر العاصي في الاراضي اللبنانية.
الخلافات قائمة لأن بلاد المنبع تتحكم بكميات المياه لدول المجرى، وهذا الأمر ينطبق على النيل والانهار التي تنبع من ايران وتمر في العراق كبلد مصبّ، او دجلة والفرات اللذان ينبعان من تركيا ويمران عبر سوريا ويصبان في العراق . كلها دول تعاني من مشاكل، لأن بلاد المنبع تتحكم ببناء السدود وعزل المياه عن الدول التي تخترقها الأنهر، وهذه مشكلة كبيرة. حتى الآن ليس من آلية لمجلس الأمن للتدخّل فيها، كما ان القانون الدولي هو فقط إعلاني وليس تنفيذياً، ليس لدى المجتمع الدولي قدرة لإجبار الدول على تنفيذ بدقة وبعدالة النصوص الدولية حول توزيع حصص المياه بين بلدان المنبع وبلدان العبور او المصبّ”.