طريق التنمية مستقبل الدول النامية
تعددت الأسباب التي جعلت الدولَ الناميةَ ناميةً، لم تتحرك من موقعها، وحافظت على موقعها متأخرةً، لم تتقدم إلى جوار الدول المتقدمة، رغم أنها الأوفر في ثرواتها الطبيعية والبشرية، وأطلق عليها العالم الثالث تلميعاً لمدلوله (الدول المتخلفة)، ويعني هناك عالم أول وثانٍ، وهي بالمرتبة الثالثة، التي لا أربعة دونها، وأكثر البلدان استيرادًا واستهلاكًا، وجزءٌ كبيرٌ مما يورَّد إليها يُستخرج من أرضها ويُعاد ليباع لها.
تمتاز الدول النامية بوجود الموارد والطبيعية، وأهمها البترول، وأيادٍ عاملة تشكو البطالة وتفكر بالهجرة من بلدانها، لتعمل في أرخص وأبخس المهن، الذي هو الآخر تفقده في بلدانها، وما ينفعها من الهجرة سوى فرق العملة، الذي يعطي قيمة لأجرها عندما يتحول إلى بلدها، وعاشت تلك الدول صراعات فيما بينها، وداخلية بفعل خارجي، فهاجرت عقولها وأديرت مشاريعها بأيادٍ خارجية، وبقيت لعقود على تسميتها بالدول النامية، ويستخرج من ارضها البترول لتشتري المأكل والملبس، المعاد تصنيعه من صادراتها ليباع لها بأسعار مضاعفة.
أملٌ أطلَّ من جديد على الدول الإقليمية، من خلال إطلاق العراق لطريق التنمية، الذي سيكون قفزة نوعية في تطور الدول منذ عقود صراعاتها العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية، والترحيب الأقليمي بالمشروع يعكس تطلع هذه الدول إلى بناء اقتصادات بلدانها، سواء باستثمار إمكاناتها أو بالتعاون الإقليمي، والتوجه نحو تكتل اقتصادي يكمل بعضه الآخر، وإدراك بأن زرع الخلافات في ما بينها، كان السبب في تأخر نموها، وبدوافع من سياسات وتحركات اقتصادية تمددت على حساب اقتصاداتها، وجعلها دولًا متأثرةً بأية مشكلة عالمية، وتنتظر حلولًا خارجية، عادة ما يكون نصيبَها دفع اكثر الأثمان، حتى في صراعات غيرها، ناهيك عن الصراعات التي أفقدتها ثقة التعاون في ما بينها.
إن مشروع طريق التنمية سيؤسس إلى تكتل اقتصادي اقليمي، وسيربط سياسات الدول بإقتصادها، الذي أصبح أكثر إلحاحاً، لاسيما أن العالم سيغادر استخدام البترول الذي جُعل موردًا رئيسًا لها، وبذلك سترتبط هذه الدول في ما بينها ويحرص كل منها على الآخر سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا، ويحقق للدول النامية نموها الذي تتطلع إليه، وصار حديث بعض دولها، أن المنطقة الاقليمية ستكون أوربا القادمة، وسيكون العراق مركز التقائها، وهو مؤهل بما لديه من موقع استراتيجي، ويؤسس لطرق ترتبط الدول الإقليمية، وبواقعه السياسي الذي يتطلع إلى بناء اقتصاد متكامل متعاون مع الدول الاقليمية، مع وجود قاعدة التوازن السياسية، التي تشعر أن الخلافات الاقليمية لن تنفع أحدًا، وبما أن الدول الإقليمية أدركت أن من تأخر نموها عامل خارجي، فلا بدَّ أن تعمل مشتركة متعاونة بتكتل اقتصادي، قد يكون مستقبل الاقتصاد في العالم لما تملكه هذه الدول من موارد، وسوف تتحرر من تسمية الدول النامية والعالم الثالث، إلى دول متطورة وعالم أول.
بقلم واثق الجابري