صحيفة: صعود دول الخليج يعيد تشكيل العالم

بالإضافة إلى ذلك، تخضع دولتان من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، إيران وفنزويلا، للعقوبات ولديهما بنية تحتية نفطية قديمة ومتدهورة. فيما تنتج الولايات المتحدة الكثير من النفط والغاز لكنها لا تزال تستورد كميات كبيرة. نتيجة لذلك، يعتمد العالم حاليًا على عدد قليل من دول الخليج للحصول على إمدادات ثابتة من النفط والغاز.

ويقول زكريا أنه من المرجح أن تستمر هذه الظروف خلال العقد المقبل، وإذا حدث ذلك ، فستشهد دول الخليج أكبر تدفقات للثروة في التاريخ.

وبحسب ما ورد، فقد جمعت صناديق الثروة السيادية الأربعة الرئيسية لهذه البلدان ما يقرب من 3 تريليونات دولار من الأصول، بزيادة قدرها 42% على مدى العامين الماضيين. ويتوقع أن تكون المملكة العربية السعودية أداة الاستثمار الرئيسية، صندوق الاستثمارات العامة، أكثر من 2 تريليون دولار بحلول عام 2030، مما يجعلها الأكبر في العالم. في المستقبل القريب، وقد تصبح هذه أهم تجمعات لرأس المال في العالم.

وينبه الكاتب إلى التأثير الاقتصادي لهذه الثروة. فقد اشترت المملكة العربية السعودية، شركة الجولف المحترفة. وفي يناير، قالت وكالة بلومبيرج الأخبارية أن المملكة سعت لشراء امتياز سباقات الفورمولا 1 بأكثر من 20 مليار دولار. أيضا انتقل نجم كرة القدم الأكثر شهرة في العالم، كريستيانو رونالدو، للعب مع أحد الأندية السعودية مقابل 200 مليون دولار سنويًا. وتقوم الرياض باستثمارات ضخمة في صناعة الألعاب عبر الإنترنت، على أمل أن تصبح لاعبًا رئيسيًا في هذا المجال. وبالنظر إلى الفرق الرياضية المرموقة والفنادق الفاخرة في أوروبا والعلامات التجارية، سوف ترى أن وراءها مالكي الخليج. ونقل زكريا عن أحد وزراء الخليج قوله، “لقد بنينا الكثير من البنية التحتية في بلادنا. ما يأتي حاليا هو استثمار نقدي.”

ويرى الكاتب أن هذه الزيادة في الثروة أعادت تشكيل الشرق الأوسط. اللاعبون المهيمنون في المنطقة – مصر، العراق، سوريا – لأسباب مختلفة (الفقر، الانقسام) غير قادرين حاليا على لعب أدوار قيادية. الخليج هو محور القيادة. حققت المملكة العربية السعودية، على وجه الخصوص، تحولًا استراتيجيًا كبيرا في سياستها الخارجية. بما في ذلك العلاقات مع قطر والأردن، وأعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران والسعي للتوصل إلى اتفاق سلام في اليمن.

تعمل دول الخليج جميعها على تعميق علاقاتها مع الصين، التي تعد حاليا أكبر العملاء في المنطقة. في عام 2001، كانت تجارة المملكة العربية السعودية مع الصين تزيد قليلاً عن 4 مليارات دولار، أي حوالي عُشر تجارتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. في عام 2021، كان حوالي 87 مليار دولار، أكثر من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجتمعين. في وقت، تنمو فيه العلاقات الاقتصادية بسرعة، حتى أن صحيفة واشنطن بوست أفادت بأن الصين استأنفت بناء منشأة عسكرية مشتبه بأنها في الإمارات العربية المتحدة.

منبها إلى أن السعودية والخليج لا يسعيان للطلاق مع الولايات المتحدة. إنهم يرغبون في علاقات اقتصادية وثيقة مع الصين وعلاقات أمنية وثيقة مع أمريكا. إنهم يرغبون في أن يكونوا قادرين على التعامل بحرية مع الجميع، بما في ذلك روسيا. ويقول الكاتب: إذا كنت ترغب في أن ترى أين توجه الروس هربًا من العقوبات الغربية، فقم بزيارة دبي، حيث ستسمع اصوات روسية أكثر من العربية في بعض الفنادق.) لديهم علاقات متنامية مع الهند، بل إنهم يبنون روابط جديدة مع إسرائيل. ترغب معظم الدول في اتباع سياسة تتيح لها العمل بشكل مستقل، واختيار الأصدقاء في الغرب والشرق بما يتناسب مع مصالحها. ويشدد زكريا على أنه إذا استمر ولي العهد في المسار الذي يسير فيه حاليا، فمن المرجح أن تكون المملكة العربية السعودية قادرة على إدارة هذا التوازن.