تنافس امريكي صيني على رقعة الذكاء الاصطناعي
تتقدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بسرعة كبيرة وتتحول إلى مسرح جديد تحتدم فيه المنافسة الساخنة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين.
وتستثمر كل من الصين والولايات المتحدة الوقت والموارد في تطوير التكنولوجيا، لكن الخبراء منقسمون حول هوية المتحكم في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
ونقل تقرير نشرته شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية عن مايكل كابس، الرئيس التنفيذي لشركة “دايف بلان”، قوله إن “السباق بين الولايات المتحدة والصين سيحدد مستقبل البشرية”.
وتابع أن “الحكومة الصينية والجيش الصيني والتكنولوجيا الصينية يعملون جميعها في تناسق للفوز بسباق الذكاء الاصطناعي”، أما في الولايات المتحدة “فيعمل التقنيون الأمريكيون بجد حقًا، لكن ليس الحكومة، وليس الجيش”.
وأضاف كابس: “الجيش والحكومة في أمريكا يتحدثان عن أهمية هذه التكنولوجيا ويفكرون في تطويرها، لكن في النهاية مخصصات التطوير تمثل جزءا ضئيلا للغاية من الميزانية العسكرية ولا توضع ضمن الأولويات الأساسية للإدارة الأمريكية، بينما يركز الرئيس الصيني بنسبة 100% عليها”.
وأشاد كابس باستثمار الحكومة الأمريكية 140 مليون دولار لتمويل أبحاث الذكاء الاصطناعي من قبل مؤسسة العلوم الوطنية، لكنه قال إنه لا شيء مقارنة بما أنفقته شركة غوغل هذا الشهر على أبحاث الذكاء الاصطناعي.
ومضى قائلا: “ما لم تقم الولايات المتحدة بإجراء تغيير جذري، ستكون في طريقها إلى السبق في هذه المنافسة”.
ومن منظور عسكري، قال كابس إن الولايات المتحدة كانت تتصدر في السابق هذا المضمار، لكن الصين لحقت بها وهي الآن تتحرك أسرع من أمريكا”.
سباق القرن الحادي والعشرين
ويشير جوردون تشانغ، مؤلف كتاب الانهيار القادم للصين، لشبكة “فوكس نيوز”، إلى أن هذا السباق بين الولايات المتحدة والصين يشبه إلى حد ما سباق الفضاء في القرن العشرين بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.
وقال تشانغ: “في الواقع، يعني التفوق في الذكاء الاصطناعي، أن الدول ستكون قادرة على امتلاك اقتصادات أقوى، وبالتالي سوف يمتلكون جيوشا أقوى، ومجتمعات أفضل، ولذلك يعد حقًا هو سباق القرن الحادي والعشرين”.
تشانغ قال أيضا، إن الصين لديها أولويات مختلفة عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي، لكن شي جين بينغ يريد بلا شك السيطرة على الذكاء الاصطناعي لتأكيد السيطرة وتعزيز اقتصاد الصين على الرغم من العقبات السياسية.
المواهب البشرية
ورغم المنافسة المحتدمة، لا يشترك جميع الخبراء في نفس القلق. إذ قال نيك ماكينلي، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة “دليفر فاند”، إنه “غير قلق” بشأن الصين.
وقال ماكينلي إن التطورات في الذكاء الاصطناعي تتطلب مواهب بشرية، والولايات المتحدة تهيمن على السوق عندما يتعلق الأمر بالموهبة.
ماكينلي قال أيضا، إن “الصين جيدة جدًا في التخلص من الآخرين، ولذلك لا يمتلكون هيكل الحوافز لتحقيق الانتصار في هذا المجال”.
ووفقا لجيمس تشيرنياوسكي، كبير محللي السياسات في منظمة أمريكان من أجل الرخاء، فإن الولايات المتحدة والصين في نوع من “سباق الفضاء” للهيمنة على الذكاء الاصطناعي، وأيًا كان الفائز في السباق، فإنه سيستفيد من مزايا “الوصول أولا” في ذلك الفضاء.
وأوضح تشيرنياوسكي: “تتمتع الولايات المتحدة بالأفضلية وحافظت على تفوقها، لكن هذا ليس وضعًا مضمونًا إلى الأبد.. يجب على الولايات المتحدة أن تفعل كل ما في وسعها للتأكد من أنها تسير على الطريق الصحيح”.
الرقائق والذكاء الاصطناعي
تشيرنياوسكي قال أيضا، إن الصين قامت باستثمارات كبيرة باستخدام رأس مال الدولة في محاولة لسد تلك الفجوة، وعلى الرغم من أنها قطعت خطوات جيدة في القيام بذلك إلا أنها قد سلطت الضوء على أهمية الرقائق لتعزيز وتقوية الذكاء الاصطناعي.
وهناك شركتان تصنعان أكثر الرقائق تطوراً في العالم، وهما شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات التي تصنع حوالي 92٪ منها، بينما تصنع شركة سامسونج الباقي في كوريا الجنوبية.
وكلتا الدولتين من أصدقاء الولايات المتحدة، لكنهما قريبتان من الصين وكلتاهما لها علاقات تجارية مع الشركات الصينية، والأمر متروك للولايات المتحدة لممارسة تأثير جيوسياسي على كل من سول وتايبيه.
وفي الوقت الحالي، فإن الولايات المتحدة متقدمة على الصين في ابتكار الذكاء الاصطناعي لأنها تنتج رقائق الكمبيوتر الأكثر تطوراً، خاصة تلك التي تصنعها شركة نفيديا الأمريكية، وفق التقرير ذاته.
وفي حين قيدت إدارة بايدن بيع الرقائق الأكثر تطوراً إلى الصين في أكتوبر /تشرين الأول الماضي، إلا أن بكين تحاول معرفة ما إذا كان بإمكانها تعويض ذلك.
وقال كريستوفر ألكسندر، المدير التنفيذي لشركة ليبرتي بلوكتشين، إن الولايات المتحدة “تبدو” وكأنها تتمتع بميزة تكنولوجية عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي، لكنه قال إن هناك فرقًا جوهريًا بين هذه المنافسة التكنولوجية وسباق الفضاء.
وأوضح أن “سباق الفضاء خلال الحرب الباردة كان له هدف محدد.. كان حكوميًا، ولم يكن هناك مكون للقطاع الخاص”.