الدولار “أخضر” ونسره أصلع.. لماذا ؟ وكم تطبع أمريكا منه يوميا؟
ظهر الدولار إلى الوجود رسميا بعد أن اعتمده الكونغرس الأمريكي في 6 يونيو 1785 رسميا كوحدة نقدية خاصة بالبلاد، إلا أن ولادته استغرقت وقتا طويلا لتأسيس وإقامة المطابع.
بعد استقلال الولايات المتحدة عن بريطانيا في عام 1776 وما تلى ذلك من حرب أهلية، قررت الدولة الفتية أخيرا سك عملتها الخاصة.
في تلك الفترة كان يتم تداول الكثير من عملات العالم القديم المعدنية في أراضي أمريكا مثل العملات الإنجليزية، والإسبانية، والألمانية والهولندية.
كان يطلق على جميع العملات الفضية الكبيرة اسم “تالر” أو “دولار”، وهو اسم اشتهر وترسخ واتخذ كأساس لتسمية العملة الأمريكية.
الدولارات الأمريكية الأولى مثل “تالر” سُكت من الفضة. بدأت عملية السكة في عام 1794، فيما كانت تأسست دار سك العملة في فيلادلفيا في عام 1792.
حملت أول عملة دولار فضية صدرت عام 1794 صورة امرأة بشعر فضفاض وهي ترمز إلى الحرية، وأيضا 15 نجمة سداسية، بحسب عدد الولايات في ذلك الوقت، وعلى الجهة الأخرى، صورة نسر أصلع وإكليل من أغصان الزيتون.
في ذلك العام جرى سك وإصدار 2000 قطعة نقدية، فيما جرى صهر 242 منها على الفور لأنه تبين أن جودتها سيئة جدا، أما ما تبقى من تلك العملات فقد وزعت على أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ والضيوف الرسميين.
بعد سك عملات الدولار الفضية ظهرت في وقت لاحق الأوراق النقدية الورقية وكان لونها أخضر، وقصة هذا الأمر أنه نظرا لضخامة الطلب وجدت المطبعة أن اللون الأخضر في مستودعاتها هو الأكثر من غيره، ولذلك تم إصدار ملايين من أوراق الدولار الخضراء.
لاحقا اعتمدت الخزانة الأمريكية هذا التقليد، ولفترة طويلة طبعت الأوراق النقدية فقط باللون أخضر حتى عام 2004، حيت بدء في إصدار أوراق الدولار النقدية بألوان أخرى، وطالت التغييرات الأوراق النقدية من فئات 10 و20 و50 دولارا أمريكيا.
أما “السنت” الأمريكي فقد تم سكه لأول مرة في عهد الرئيس بنجامين فرانكلين وذلك في عام 1787، حين أحس الأمريكيون بالحاجة إلى عملة صغيرة للتبديل، وكانت تكلفته أغلى من قيمته، حيث دفعت الخزانة الامريكية مقابل سكه 1.7 سنت أمريكي.
للنسر المطبوع على العملات المعدنية وأوراق الدولار النقدية الأمريكية قصة تروى. تقول رواية إنه حقيقي وكان يطلق عليه اسم “بيتر النسر النقدي”.
تعود نسر في عام 1830 على الطيران فوق منطقة دار سك العملة في فيلادلفيا وأكل القصاصات التي كان العمال يرمون بها في صناديق القمامة.
لاحظ العاملون ذلك، وحاولوا تعويده على أكل اللحوم، إلا أن الطائر البري سرعان ما اختفى، فقرر فنانو دار سك العملة رسمه وسرعان ما ظهرت نسخة طبق الأصل من “بيتر النسر النقدي” على العملة الأمريكية.
إضافة إلى هذا النسر الأصلع وصور الرؤساء ورجال الدولة، تزين الدولار الأمريكي صور للهرم و”العين التي ترى كل شيء”، والرقم “13”، وكذلك البوم والعناكب.
يذكر بالمناسبة أن العملة الامريكية لا تصنع فقط من الورق، بل هي نسيج من الكتان والقطن تضاف إليه خيوط اصطناعية، فيما تمثل خيوط القطن 75 %، ما يجعلها متينة ولا تتلف بسرعة.
في الولايات المتحدة الأمريكية تجري طباعة 35 مليون ورقة نقدية يوميا، وهي تستهلك 9 أطنان من الحبر متعدد الألوان، فيما تبلغ تكلفة ورقة نقدية واحدة بعض النظر عن قيمتها، 5.7 سنت، كما تعمل المطابع الأمريكية سبعة أيام في الأسبوع، وتستريح يوما واحدا فقط في السنة في عيد الاستقلال.
توجد في إصدارات الدولار الأمريكي الحديثة العديد من الفئات النقدية، من 1 سنت إلى 100 دولار، كما توجد أيضا أوراق نقدية من فئة 500، و1000، و10000 دولار، إلا أنها لا تستخدم في التداول العام.
علاوة على ذلك، فإن قيمة هذه الفئات الثلاث من الدولار أعلى بكثير من القيمة الاسمية بسبب ندرتها، ولا تزال الأوراق النقدية بقيمة 100 ألف دولار مستخدمة في نظام التسوية المتبادلة، حصريا في نظام الاحتياطي الفيدرالي.
مجد الدولار الأمريكي بدأ بعد الحرب العالمية الثانية، وأصبح منذ ذلك الحين العملة الاحتياطية الرئيسة في العالم أو العملة المهيمنة، إلا أنه في السنوات الأخيرة بدأت تظهر مؤشرات على بدء انحساره جزئيا، وضعف الثقة في الدولار الذي يطبع من دون توقف لمواجه عجز الميزانية الأمريكية الفلكي.