هل يبتز أردوغان إقليم كردستان اقتصادياً؟
وسّع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من عقوبات بلاده الموجهة إلى مدينة السليمانية، أحد أبرز مدن إقليم كردستان العراق، من خلال تمديد الحظر الجوي على مطارها الدولي 6 أشهر أخرى، بعدما كان يأمل الساسة العراقيون، الكرد خاصة، أن تكتفي أنقرة بالمدة الأولى، والوصول إلى تسوية سياسية مع أردوغان.
وتجاهل الرئيس التركي مطالبات إقليم كردستان العراق برفع الحظر الجوي الذي فرضته أنقرة على مطار السليمانية الدولي في نيسان (أبريل) الماضي، بدعوى استخدامه من قبل حزب “العمال الكردستاني” التركي المعارض بالضد من تركيا.
ووفقاً لمراقبين سياسيين، أنّ الأتراك يسعون لمكاسب اقتصادية لدى محاصرتهم مدينة السليمانية في منفذها الجوي، على الرغم من أنّهم يرفعون يافطات ضرورة الحفاظ على الأمن التركي في العلن، مؤكدين أنّ تركيا “تتحرش بكردستان” لمزيد من الاستثمارات في حقولها النفطية.
وكان رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني قد زار الشهر الماضي العاصمة التركية أنقرة، التقى خلالها بالرئيس أردوغان، وبحثا ملف الحظر التركي المفروض على مطار السليمانية. لكن على ما يبدو، فإنّ تركيا ما تزال ترى أنّ “حزب العمال الكردستاني” يمارس نشاطه بحرية تامة في حدود محافظة السليمانية.
وتخضع مدينة السليمانية لسلطة “حزب الاتحاد الوطني الكردستاني” برئاسة بافل جلال طالباني، وهو ثاني أكبر الأحزاب الكردية في إقليم كردستان العراق، وتُوجه اتهامات للسليمانية بأنّها تؤوي مقار تابعة لـ “حزب العمال الكردستاني” تمارس نشاطاً “عدائياً” في مدن الشمال العراقي، بالضد من تركيا.
أنقرة تبرر
قيام الحكومة التركية بتمديد الحظر الجوي مرة ثانية على مطار السليمانية الدولي، عدّته جانباً وقائياً من تحركات القوى الكردية المعادية لها، لا سيّما حزب “العمال الكردستاني” و”قوات سوريا الديمقراطية”، وهما اللذان ينشطان داخل الإقليم الكردي في العراق، وتعتقد تركيا أنّ الجانب العراقي لم يحقق الشروط التي أرسلتها أنقرة بيد أكثر من موفد عراقي إليها.
وأدى قرار الحظر التركي على مطار السليمانية إلى خسائر كبيرة بسبب استخدام الترانزيت إلى مطار الدوحة في قطر، ودبي في الإمارات، بالنسبة إلى الذين يريدون السفر إلى أوروبا، فضلاً عن خسارة مالية بلغت (50) مليون دولار، وخفض أكثر من (100) رحلة جوية شهرياً، ممّا يعني أنّ الرحلات انخفضت ما بين 35 و40% من رحلات المطار في الشهر الواحد.
ويعلّق أستاذ العلاقات الدولية في أنقرة سمير صالحة أن “تركيا ترى في مدينة السليمانية محطة لتحالف أعدائها الذين يمارسون عمليات نوعية ضدها، وتحديداً حزب العمال الكردستاني التركي المعارض، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)”، مبيناً أنّه “في شهر آذار (مارس) الماضي أسقط حزب العمال الكردستاني مروحيتين عسكريتين تركيتين، وفي نيسان (أبريل) الذي تلاه قامت قوات (قسد) بعمليات نوعية لها من محافظة السليمانية”.
وأكد أنّ “تركيا تنزعج كثيراً من العلاقات بين القيادات السياسية في المدينة الكردية العراقية، وقيادات كلا الفصيلين المناهضين لنظامها السياسي”. مشيراً إلى “تقديم الحكومة التركية مطالب واضحة للجانب العراقي، وخصوصاً إقليم كردستان، ومن هذه المطالب، إنهاء تواجد ونفوذ هذه المجموعات، وإنهاء العلاقات معها، وإغلاق مقراتها ومعسكراتها، ومنع أيّ شخصية محسوبة على هذه التنظيمات من الاستفادة من الأراضي العراقية”.
واستهدفت السلطات التركية في نيسان (أبريل) الماضي بطائرة مسيّرة قائد قوات “قسد” مظلوم عبدي، وعدداً من مساعديه في مدينة السليمانية، وقالت مصادر أمنية في المدينة حينها إنّه نجا من الهجوم.
الاتحاد الوطني: لتركيا أطماع
من جانبه ردّ الاتحاد الوطني الكردستاني على مزاعم تركيا بعدم سيطرة السلطات الكردية على نشاطات حزب “العمال الكردستاني” المعادية لها، وأكد أنّ الدافع من وراء حصارها للمنفذ الجوي للسليمانية هو دافع اقتصادي يطمع بمشاركة العراق في وارداته.
ويقول غازي كاكائي، قيادي في الاتحاد الوطني: إنّ “حراك الحكومة العراقية، وزعيم الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، ومستشار الأمن الوطني العراقي، أعطى ضمانات للجانب التركي، بأنّ المناطق الكردية الخاضعة للاتحاد لا تسمح لأيّ مجموعة كانت أن تستهدف أمن تركيا وباقي دول الجوار”.
وتابع: “لهذا، فالذريعة بأنّ السليمانية وغيرها هي مناطق لمجموعات معارضة متمردة تهدد الأمن التركي، هي ذريعة قديمة، وأنّ لتركيا أطماعاً في واردات العراق، وهذا أمر معلوم وواضح”.
ويقترب رأي الباحث الأكاديمي لاوان عثمان من رأي كاكائي، حيث يؤكد عثمان أنّ “الحكومة التركية تمارس تحرشاً سياسياً بالضد من حكومة إقليم كردستان، والحزب الحاكم في السليمانية، لأنّ لحكومة أنقرة شركات عاملة في مجال النفط داخل الإقليم، وتود أن تبتز السلطات هناك من أجل تحقيق مكاسب أكبر لها”.
وأضاف “لا أحد ينفي عدم وجود لفصيل لحزب العمال الكردستاني في السليمانية، وهذا التنظيم يعمل منذ عقود، ولكنّ القرار التركي الأخير المتعلق بحظر الطيران على مطار السليمانية، هو قرار خلفه مطالب اقتصادية أكثر من كونه مطلباً أمنياً وسياسياً”.
أحدث التطورات الأمنية
وفي أحدث التطورات التي شهدتها مدينة السليمانية صباح أمس الجمعة اغتيال عنصرين من الحزب “الديمقراطي الكردستاني الإيراني” المعارض، أثناء هجوم مسلح نفذه شخص، بقضاء قلعة دزه، شمال شرق المدينة، ولم تعرف لغاية الآن الجهة المنفذة للعملية.
وإلى جانب المعارضة الكردية التركية والسورية، تضم محافظة السليمانية، وسائر محافظات إقليم كردستان، (3) محافظات، معاقل للمعارضة الكردية الإيرانية التي تتعرض للقصف بين الحين والآخر.