العراق نحو إقرار قانون العفو العام: ماذا عن ضغوط منعه؟
قررت الحكومة العراقية إعداد مسودة جديدة لمشروع قانون العفو العام الذي يمثل أحد أبرز مطالب القوى السياسية العربية السنّية، وفقاً للاتفاق السياسي الذي شُكّلت على أساسه حكومة السوداني، في خطوة تعيد القانون إلى الواجهة مجددا.
وعلى الرغم من أن إقرار قانون العفو العام كان ضمن الاتفاقات السياسية التي منحت حكومة محمد شياع السوداني ثقة البرلمان على أساسها، إلا أن القانون تعرض لجدل سياسي كبير، وتمرد من التحالف الحاكم “الإطار التنسيقي” على اتفاقات تمريره طوال الفترة التي تلت تشكيل الحكومة في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وكانت مصادر سياسية مطلعة قد كشفت أخيرا عن ضغوط تمارس من قبل قوى في الإطار وفصائل مسلحة على السوداني دفعت باتجاه تعطيل تمرير القانون.
واتخذت الحكومة خلال جلسة برئاسة السوداني، ليل الثلاثاء، قرارا بتكليف الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء بإعداد مسودة مشروع تعديل قانون العفو العام، باعتماد النص الذي صوت عليه مجلس النواب (خلال التصويت على البرنامج الحكومي).
وبحسب بيان لمكتب السوداني، فإن النص أكد على “إجراء مراجعة قانونية لقانون العفو العام، بهدف تعريف جريمة الانتماء للتنظيمات الإرهابية، لتشمل كل من ثبت بأنه (عمل في التنظيمات الإرهابية أو قام بتجنيد العناصر لها أو قام بأعمال إجرامية أو ساعد بأي شكل من الأشكال على تنفيذ عمل إرهابي أو وُجد اسمه في سجلات التنظيمات الإرهابية)”.
وخلال السنوات الماضية زُجّ بآلاف العراقيين داخل السجون، بناء على اعترافات انتُزعت منهم تحت التعذيب ومحاكمات غير أصولية، أو بسبب “التهم الكيدية” من قبل من يعملون “مخبرين سريين”، إذ اندرجت أغلب تلك القضايا التي أثيرت ضدهم تحت سقف العداوات الشخصية والتصفيات السياسية.
تحالف العزم يؤكد حرصه على إقرار القانون
من جهته، أكد تحالف “العزم” بزعامة السياسي العراقي خميس الخنجر حرصه على إقرار قانون العفو العام، وعلى “العمل بجدية ومتابعة مستمرة وحثيثة لكل ما من شأنه تحقيق مصلحة الوطن والمواطن”.
وأضاف في بيان “حرصنا على إنصاف الأبرياء وعملنا على إخراجهم من السجون بقدر حرصنا على القصاص من الإرهابيين والمجرمين الذين عاثوا في الأرض فسادا وإفسادا”.
وعقد تحالف “إدارة الدولة” الذي يضم تحالف “الإطار التنسيقي”، والكرد وتحالف “السيادة”، خلال الأيام الأخيرة اجتماعا ناقش فيه القانون، وإمكانية إقراراه خلال الفترة التي تسبق إجراء الانتخابات المحلية المقررة في نهاية العام الجاري.
وقال نائب عن تحالف “السيادة”، لـ”العربي الجديد”، مشترطا عدم ذكر اسمه، إن “قرار مجلس الوزراء بإعداد مسودة للقانون جاء بعد اتفاق داخل تحالف السيادة”، مؤكدا أنه “سنتابع المسودة ونعمل على عدم إفراغ القانون من محتواه، وأن يحقق عدالة وإنصافا للسجناء المظلومين”.
وأكد النائب الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “بعض الأطراف داخل الإطار ما زالت تدفع نحو تعطيل القانون لأهداف سياسية، إلا أن التوجه العام داخل إدارة الدولة لتمريره أقوى”، مرجحا “فشل الضغوطات ومحاولات تعطيل تمرير القانون”.
وكان البرلمان العراقي قد أقرّ قانون العفو العام في نهاية أغسطس/آب 2016، بعد خلافات سياسية طويلة، لكن كتلاً نيابية اعتبرت أنه أفرغ من محتواه، بعد حذف عدد من البنود والفقرات المتعلقة بمراجعة ملف المحكومين وظروف محاكمتهم.
وكان التعديل الأول للقانون قد تمّ في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2017، بعد طلب تقدمت به قوى سياسية تنضوي حالياً ضمن “الإطار التنسيقي”. وتضمنت أبرز التعديلات شمول الأشخاص المعتقلين من الذين تُجرى تسوية بينهم وبين ذوي الحق الشخصي بالعفو، بالإضافة إلى شموله مَن يتم تسديد ما في ذمتهم من أموال للمصلحة العامة عن جرائم الفساد.
كما عُدِّلت وقتها فقرة تمنع العفو عن جميع من أدينوا وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب المعمول به في البلاد، بعد العاشر من يونيو/حزيران 2014، وهو تاريخ احتلال تنظيم “داعش” مدينة الموصل، شمالي البلاد.
وعُدِّلَت أيضًا الفقرة الخامسة في المادة الثالثة من القانون، والخاصة باستثناء جرائم الخطف والاغتصاب من إجراءات العفو. ومُنح من أمضى ثلث مدة محكوميته بجرائم التزوير إمكانية العفو، مع استبدال ما بقي من فترة سجنه بواقع 50 ألف دينار (نحو 33 دولاراً) عن اليوم الواحد.