وزارة الزراعة تحذر من خطورة الوضع الزراعي و تحول العراق الى “أرض بور”
حذرت وزارة الزراعة العراقية من خطورة الوضع الزراعي في البلاد في حال عدم ايجاد حلول شافية لوضع المياه، خصوصا وان هنالك زيارة مرتقبة للرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى العراق، مشيرة الى ان نصف الاراضي الصالحة للزراعة فقط تم زراعتها بسبب نقص المياه والتغير المناخي.
وقال المتحدث باسم وزارة الزارعة العراقية محمد الخزاعي في تصريح، إن “قلة الاطلاقات المائية تؤثر على الوضع الزراعي والبيئي والصحي في العراق، وان المتغيرات كان من الممكن ان تقل لو كان الوضع المائي في العراق طبيعياً”.
قِلّة هطول الأمطار أدت إلى جفاف قوي وإلى قلة الغطاء النباتي، لاسيما للمناطق المكشوفة، وهي ممتدة إلى دول تحد العراق، مما يتطلب جهداً مع الدول المجاورة لمكافحتها لتقليل هذه المشاكل.
وأوضح محمد الخزاعي ان “العراقيين متعودون على اشهر الحر في حزيران وتموز وآب، وحتى في عقد السبعينيات كانت درجات الحرارة مشابهة، لكن الوضع المائي في العراق آنذاك كان يخفف من وطأة درجات الحرارة، حيث تخفف المياه من وطأة درجة حرارة الارض والمحافظة على المساحات الخضراء الموجودة”.
واشار محمد الخزاعي الى “صعوبة الوضع المائي الحالي في العراق، حيث وصلنا الى ارقام غير مسبوقة سببت الكثير من المصاعب، وتزامن مشكلتين في آن واحد، وهما قلة الاطلاقات المائية وارتفاع درجات الحرارة، ما ادى الى تفاقم الوضع”.
أما بخصوص الانباء التي تشير الى تصحر 40 ألف دونم في العراق سنوياً، ذكر محمد الخزاعي: “لا نستطيع تحديد تصحر 40 الف دونم سنوياً، فالارض تحتاج الى فترة طويلة لكي تفقد خصائصها الزراعية، لكنها تؤثر على المساحات الخاصة بخطط الاستزراع الشتوي والصيفي”.
المتحدث باسم وزارة الزارعة العراقية، أضاف ان “خطة الاستزراع الصيفية الحالية هي اقل من السنوات السابقة، باعتبار ان خزيننا المائي غير مسبوق، وتقلصت المساحات الخاصة بزراعة الشلب وهو الرز العنبر، على سبيل المثال، واقتصرت على 5 الاف دونم، 3 منها في النجف و2 في الديوانية، للمحافظة على هذا الصنف كبذور”.
ولفت محمد الخزاعي الى انه “في الموسم الماضي خصصت 1500 دونم من اصل اكثر من 320 الف دونم لزراعة الشلب في الديوانية والنجف”، منوها الى انه “عندما تصل الارقام الى هكذا مستوى من نزول يؤشر مدى خطورة الوضع الزراعي في العراق، وان هذه الاراضي اذا استمر واقع الحال فيها كما هو الان، من الممكن ان تفقد خصائصها وتتحول الى اراضي بوار”.
وحذّر محمد الخزاعي من انه “بحال استمرار هذا الحال من نقص للمياه فان الكثير من الاراضي الزراعية قد تتحول الى أراضي غير صالحة للزراعة”، مردفاً أن “خطة الاستزراع الشتوي كانت 2.5 مليون دونم، وساعدنا الموسم المطري باضافة مليون دونم لتصل الى 3.5 مليون دونم”.
واشار الى انه “بشكل تقريبي، هنالك 27 مليون دونم صالحة للزراعة بما فيها الاراضي التي تعتمد على الامطار والاراضي التي تعتمد على السقي والاراضي التي تعتمد على مياه الابار، ومجموع ما زرع فيها 12 مليون دونم من اصل هذه الـ 27 مليون دونم، اي زراعة اقل بنسبة 50% من الاراضي الصالحة، وهو ما يظهر مدى خطورة الوضع”.
المتحدث باسم وزارة الزارعة العراقية، حذّر أيضاً من انه “بحال لم يتم حل مشكلة الاطلاقات المائية مع دول المنبع فان الوضع سيزداد سوءاً، لذا نأمل من الزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب اردوغان الوصول الى حلول دائمية وليست اطلاقات مائية فقط، على اعتبار ان للعراق حقوق تاريخية وقانونية في مياه نهري دجلة والفرات، ويجب على دول المنبع ان تتقاسم الضرر معنا، لا ان يتحمل العراق فقط تداعيات التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة”.
واضاف: “نسمع في تركيا انه وفي كل سنة يتم بناء سدود، بينما يدفع العراق الثمن الباهض”.
بات ملفّ المياه يشكّل تحدياً أساسياً في العراق، البلد شبه الصحراوي، والذي يبلغ عدد سكانه أكثر من 42 مليون نسمة، وحمّلت بغداد مراراً جارتيها تركيا وإيران مسؤولية خفض منسوبات المياه بسبب بناء سدود على نهري دجلة والفرات.
وسبق للبنك الدولي، أن اعتبر أن غياب أي سياسات بشأن المياه قد يؤدي إلى فقدان العراق بحلول العام 2050 نسبة 20% من موارده المائية، فيما اعلن العراق في وقت سابق أن المشروعات المائية التركية أدت لتقليص حصته المائية بنسبة 80%، بينما تتهم أنقرة بغداد بهدر كميات كبيرة من المياه.
يشار الى ان وزارتي الزراعة والموارد المائية في العراق، قررتا في وقت سابق تخفيض المساحة المقررة للزراعة، وذلك بسبب قلة الإيرادات المائية القادمة من تركيا وإيران، وسط تحذيرات من أن شح المياه بات يهدد بانهيار أمن العراقيين الغذائي.
يعدّ العراق، الغني بالموارد النفطية، من الدول الخمس الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر في العالم، وفق الأمم المتحدّة، خصوصاً بسبب تزايد الجفاف مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز في مرحلة من فصل الصيف خمسين درجة مئوية.
وتراسل الحكومة العراقية باستمرار كلاّ من طهران وأنقرة للمطالبة بزيادة الحصّة المائية للعراق من نهري دجلة والفرات، الا ان هاتين الدولتين لم تستجيبا لطلبات العراق المتكررة بهذا الصدد.