المشكلات العشائرية لا تزال تمثل مشكلة كبيرة في العراق
لا يستمر هدوء النزاعات العشائرية في العراق، وسرعان ما تظهر بأشكال مختلفة، منها الصراعات بين عشيرتين أو أكثر، أو صراع عشيرة مع معلم أو موظف في دائرة حكومية أو طبيب، وهو ما حدث مؤخراً مع جرّاح القلب والأوعية الدموية في محافظة ميسان (جنوب العراق) ياسر قيس، الذي اضطر إلى إغلاق عيادته بعد وفاة مريض بورم في الصدر، كان قد أجرى عملية جراحية له في وقتٍ سابق.
وتداول ناشطون صوراً لعيادة الطبيب ياسر قيس بعد إغلاقها بسبب التهديدات العشائرية التي طاولته من قبل عشيرة المريض المتوفى، فيما أكدت مصادر محلية من مدينة ميسان العراقية أن “الطبيب اضطر إلى دفع مبلغ مالي (فصل عشائري) مقداره 80 مليون دينار (53 ألف دولار أميركي) كديّة لذوي المتوفي، على الرغم من أن الحالة المرضية التي كان يعاني منها المريض صعبة قبل إجراء العملية”.
وكتب الناشط العراقي ولاء أحمد، على منصة “أكس”: “فقط في العراق، الطبيب الجراح ياسر قيس، مدير مركز القلب في العمارة، بعد إجراء خزعة لمريض كبير بالعمر مصاب بالسرطان، وبعد أخذ موافقة الأهل بالإجراءات، شاء القدر أن يفارق المريض الحياة بعد الخزعة. أولاد المريض أجوا مسلحين للعيادة، وأغلقوها”.
أما الطبيب بهاء أسامة فقد أشار عبر “فيسبوك” إلى أن “هذا الحال ليس بجديد، وطبيب الاختصاص الوحيد في المحافظة (ميسان) أجرى عملية لمريض كبير بالسن، وبعدها فارق الحياة. لكن ذوي المتوفي يقولون إن الطبيب ياسر قيس هو السبب بوفاته. وبعد الاتصال بالجهات الأمنية ومدير عام صحة ميسان، لم يتحرك أحد، بل إن رأي الأجهزة الأمنية أن تحل القضية عشائرياً”.
وأضاف أسامة أن الطبيب “اضطر إلى دفع مبلغ 80 مليون دينار، وإغلاق العيادة، ومغادرة المدينة، ما يعني أن المدينة لم يعد فيها طبيب بهذا الاختصاص”.
من جهته، قال ضابط في شرطة محافظة ميسان إن “الطبيب تقدم بشكوى ضد بعض الأشخاص الذين ضايقوه بالتهديدات خلال الأسابيع الماضية، وقد اتخذنا الإجراءات اللازمة بتحويل الشكوى من مركز الشرطة إلى المحكمة المختصة، لكن الضغوط العشائرية عليه دفعته إلى حل المشكلة عشائرياً”.
وأضاف الضابط أن “النزاعات والمشكلات العشائرية لا تزال تمثل مشكلة كبيرة بالنسبة للمحافظة، ومناطق جنوب البلاد. وعلى الرغم من القرارات الأمنية والتعهدات التي قطعتها بعض العشائر، إلا أنها مستمرة ومن دون تراجع”.
أما عضو نقابة الأطباء العراقيين، عبد المهيمن الجنابي، فلفت إلى أن “التهديدات العشائرية تشكل أبرز التحديات لعمل الأطباء في العراق، سواء الذين يخدمون بوظائفهم في المستشفيات الحكومية أو الأهلية أو العيادات”.
وأوضح الجنابي أن “الكثير من الأطباء غادروا العراق بسبب هذه المشاكل، من دون أي إجراءات حكومية وأمنية واضحة لحماية الأطباء من بعض العشائر التي تملك السلاح”.
وكان العراق في وقتٍ سابق قد عدّ النزاعات العشائرية والاعتداءات التي تتسبب بها، ومن ضمنها الدكّات العشائرية، من الجرائم الإرهابية، مشدداً على ضرورة التعامل مع مرتكبيها بحزم، بحسب ما جاء في بيان لمجلس القضاء الأعلى في البلاد.
وأوضح مجلس القضاء الأعلى أنّ “المادة الثانية من قانون مكافحة الإرهاب الذي أُقرّ في عام 2005 تنصّ على أن التهديد الذي يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أياً كانت بواعثه، يعد من الأفعال الإرهابية”.