مركز يحذر: الأزمات الاقتصادية والتوترات مع كردستان تهدد بانهيار حكومة السوداني
حذر المركز العالمي للدراسات التنموية من تسبب 4 أزمات اقتصادية في العراق في انهيار حكومة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، قريباً.
وذكر تقرير أصدره المركز، بإشراف مدير البحوث الاقتصادية، صادق الركابي، وتلقت المستقلة نسخة منه، أن قدرة السوداني على تنفيذ برنامجه الحكومي محدودة في ضوء أزمة قطع رواتب موظفي إقليم كردستان الشمالي.
ونوه تقرير المركز إلى أن تلك الأزمة تعود إلى إقرار مجلس الوزراء العراقي، في سبتمبر/أيلول الجاري، تقديم قرض للإقليم بقيمة 500 مليار دينار (380 مليون دولار) عن الفترة من أيلول/سبتمبر إلى نوفمبر/تشرين الثاني، بينما تطالب إدارة الإقليم بأن يضاف لتلك الفترة رواتب كل من شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب أيضاً، معتبرة أن ما تقوم به بغداد هو “سياسة تجويع تمارس بحق شعب كردستان”.
أما بغداد فقد أعلنت أن الأموال التي في ذمة الإقليم تمثل 3 أضعاف حصته، حسب الإنفاق الفعلي للدولة، وأن كردستان لم تسلم إيراداتها النفطية وغير النفطية إلى الحكومة الاتحادية بموجب قانون الموازنة.
النفط والغاز
ويشير الركابي، في هذا الصدد، إلى أن توقيت القرارات الصادرة من بغداد يثير الكثير من علامات الاستفهام، إذ لا تمثل القرارات منهاج حكومة السوداني سابقاً في تجنب أية إجراءات تصعيدية مع إقليم كردستان والتريث بخصوص الشركات النفطية العاملة فيه لتجنب الإضرار بالاقتصاد الوطني.
لكن التغير المفاجئ في سياسة الحكومة العراقية “قد يزيد من التأثير السلبي على صناعة النفط في الإقليم”، بحسب التقرير، الذي أشار إلى توقف معظم شركات النفط الأجنبية هناك عن العمل، ما أدى لتراجع إيرادات الإقليم المالية.
يأتي ذلك في وقت تتمسك فيه أنقرة بموقفها الخاص بضرورة إصلاح أنبوب النفط العراقي التركي قبل السماح بتصدير نفط كردستان.
وفي سياق متصل، يشير التقرير إلى أزمة أخرى تتمثل في الهجمات الصاروخية التي تتعرض لها حقول الغاز في كل من أربيل والسليمانية، والتي تكررت خلال العام الماضي، واستمرت حتى شهر أغسطس/آب من العام الجاري، بالإضافة لاستهداف حقول النفط في البصرة في العام 2020، ما أوقف الشركات العاملة عن ممارسة أنشطتها، وعرقل الخطط الرامية لتحويل العراق الى دولة مصدرة للغاز، أو حتى تحقيقها الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة.
وبينما يخطط العراق لمضاعفة إنتاج أحد أكبر حقول الغاز في إقليم كردستان، وهو حقل خورمور، من 450 مليون قدم مكعب يومياً إلى مليار قدم مكعب في السنوات القادمة، عرقل القصف الصاروخي، في نهاية الشهر الماضي، تلك الخطط، بحسب التقرير.
ويبين الركابي أن ذلك حد من قدرات العراق على استخدام كميات الغاز في توليد الكهرباء وبالتالي حد من قدرته على تقليل فاتورة استيراد الغاز من إيران.
وحال توفر الاستثمارات الكافية، فإن احتياطيات حقل خورمور، البالغة 16 تريليون قدم مكعب، ستمكن إقليم كردستان من تصدير أكثر من 500 مليون قدم مكعب يومياً، يرجح أن تكون دول الاتحاد الأوروبي السوق المناسب لاستيرادها.
خور عبد الله
وبرزت أزمة “خور عبد الله” مع الكويت لتزيد من الضغط على حكومة السوداني، فبعد أن صوت البرلمان العراقي على اتفاقية تصديق الملاحة البحرية بين العراق والكويت في العام 2013، قضت المحكمة الاتحادية العليا في خطوة فجائية بعدم دستورية هذا القانون.
واستدعى ذلك توجيه مجلس التعاون الخليجي الدعوة إلى العراق لاحترام سيادة الكويت وعدم انتهاك القرارات الدولية ولاسيما قرار مجلس الأمن الدولي رقم 833 لعام 1993، حول ترسيم الحدود بين البلدين واتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله والمودعة لدى الأمم المتحدة.
وأحرج ذلك حكومة السوداني التي تسعى لاستقطاب الاستثمارات الخليجية، خاصة في مجال الطاقة، من خلال الربط الكهربائي والاستثمار في الغاز والطاقة النظيفة، ولذا يشير تقرير المركز العالمي للدراسات التنموية إلى أن الوضع الجاري يشكل عاملاً مقلقاً لاستقرار العراق ونهاية لشهر “العسل” الذي عاشته حكومة السوداني منذ أشهر.
ويقدر تقرير المركز أن تتابع هذه الأزمات المفاجئة واحتمال ترابطها له تأثير سلبي على مستقبل قطاع الطاقة في العراق، خاصة في ضوء تحديد بغداد هدفاً للاكتفاء من استيراد الغاز من إيران بحدود 3 سنوات.
ومن شأن تحقيق هذا الهدف أن يكون العراق قادراً على توفير مبالغ كبيرة كانت تنفق على استيراد الغاز لصالح الاقتصاد والتنمية، بما يدعم مركزه في خارطة العلاقات الاقتصادية والسياسية الدولية، لكن تتابع الأزمات المؤثرة على قطاع الطاقة بات يمثل تهديداً حقيقياً لاستقرار حكومة السوداني.