وفي كلمته خلال مؤتمر “طريق التنمية” الذي نظمته الحكومة العراقية في العاصمة بغداد، في 27 مايو/أيار 2023، بمشاركة ممثلين عن دول الجوار بما في ذلك تركيا ومنطقة الخليج، قال السوداني إن المشروع يعكس واقع تأسيس اقتصاد قوي من خلال زيادة التوظيف وقيمة الناتج القومي الإجمالي.
وفي حديثهم إلى مراسل الأناضول، وصف رجال أعمال وصناع قرار عراقيون المشروع، الذي من المقرر أن يتم إنجازه على ثلاث مراحل في 2028 و2033 و2050، بـ”بوابة العراق الاقتصادية المنفتحة على العالم عبر تركيا”.
من المزمع أن يربط المشروع، الذي تكون نقطة نهاية الخط فيه هي تركيا، منطقة اقتصادية واسعة من أوروبا إلى دول الخليج. وفي هذا الإطار، أشاد السوداني بدور الشركات التركية في أعمال البنية التحتية في العراق، وذكر أن الشركات التركية تستحوذ على إمكانات وخبرات مهمة تخول لها العمل في تطوير مشروع “طريق التنمية”.
وأوضح ناصر الأسدي، مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون النقل، في تصريح لصحيفة “الصباح” المملوكة للدولة في العراق، أن تركيا والعراق يقفان على أعتاب توقيع مجموعة من الاتفاقيات الخاصة بمشروع “طريق التنمية”.
ويدعم رجال الأعمال في العراق أن تلعب تركياً دوراً نشطاً في إطار المشروع، وذلك بالنظر إلى أن حجم التجارة الثنائية بين البلدين والتي تتجاوز قيمتها الـ24 مليار دولار، فضلاً عن أن الإمكانات التي سوف يوفرها المشروع ترسم مستقبلاً واعداً لقطاع الأعمال في البلدين.
وقال رئيس غرفة تجارة بغداد، فراس الحمداني، في تصريح لمراسل الأناضول، إن “تركيا تعتبر شريكنا الاستراتيجي الأهم في مشروع طريق التنمية، فضلاً عن أن أنقرة شريك استراتيجي مهم في تنمية جمهورية العراق”.
وذكر الحمداني أن المشروع سيوفر دفعة مهمة للعلاقات التجارية بين العراق وتركيا، وقال: “سيكون هناك حضور حقيقي للأتراك عند تنفيذ المشروع، خاصةً أن تركيا تتمتع بسوق واعدة، والحكومة ورجال الأعمال العراقيون يودون الاستفادة من الخبرات التركية لتطوير هذا المشروع”.
بدوره، شدَّد حسن الصباري، عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي، على أن تركيا شريك استراتيجي مهم للعراق، وقال: “نشترك مع تركيا بحدود طويلة وتاريخ عميق وحتى وحدة في الدم”.
وأكّد الصباري على أن تركيا بلد محوري في تنمية الاقتصاد العراقي، مشيداً بتصريحات سابقة لرئيس الوزراء العراقي قال فيها “إن تركيا شريك استراتيجي للعراق”.
ميزات تفضيلية لتركيا
تتواصل أعمال إنشاء ميناء الفاو الكبير بمدينة البصرة جنوبي العراق، والذي يعتبر المحطة الأولى من مشروع “طريق التنمية”، ويقع الميناء عند شط العرب، حيث يلتقي نهري دجلة والفرات قبل أن يصبا في الخليج العربي.
المشروع المشتمل على خطوط سكك حديدية وطرق برية تبدأ من منطقة الميناء، مروراً بالديوانية والنجف وكربلاء وبغداد والموصل إلى الحدود التركية، من المتوقع أن يوفر إمكانية الوصول إلى ميناء مرسين التركي.
وجرى تصميم المشروع بواسطة شركة (PEG Infrastructure) الإيطالية، وبعد مروره بالموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، والعاصمة بغداد، يدخل “طريق التنمية” تركيا اعتباراً من قرية “أوواكوي” بولاية شرناق (جنوب شرق).
وكانت تركيا الدولة التي قدمت أكبر التزام لإعادة إعمار العراق واستقراره، تعهدت بتقديم قرض بقيمة 5 مليارات دولار في المؤتمر الذي عقد في الكويت عام 2018 لصالح إعادة إعمار العراق.
وقال معاون محافظ نينوى، رفعت سمو، إن خط السكك الحديدية الذي يتم بناؤه في إطار المشروع سيمر على بعد حوالي 8 كيلومترات من وسط مدينة الموصل.
وأضاف: “فضلنا الشركات التركية على الشركات الأجنبية الأخرى في أعمال الاستثمار والبنية التحتية في الموصل. الشركات التركية من أفضل الشركات الأجنبية العاملة في العراق”.
وذكر سمو، أن الشركات التركية لعبت دوراً كبيراً في بناء مطار الموصل والطرق والجسور في المدينة، وقال: “الشركات التركية لها حصة الأسد في المشاريع المُقامة في الموصل التي يشعر أهلها بالارتياح عندما يرون الشركات التركية في المدينة”.
وأشار إلى أنهم يتوقعون أن تقدم تركيا مساهمة مهمة في مشروع “طريق التنمية”، موضحاً: “لا تستطيع الشركات العراقية إدارة هذا المشروع الضخم بمفردها. العراق يحتاج إلى شركات أجنبية للمساعدة في إنجاز وإدارة هذا المشروع، وتركيا الجارة هي البلد الأقرب إلى الموصل”.
وتابع المسؤول العراقي: “يجب أن تشارك تركيا في مشروع طريق التنمية من خلال شركاتها الكبيرة التي أنجزت مشاريع مهمة، وتركت بصمتها في عالم الأعمال”.
مشروع الخيارات البديلة
ومن المقرر أن تكتمل أعمال البناء في ميناء الفاو الكبير عام 2025، كما من المتوقع أن تبلغ قدرته الاستيعابية 90 رصيفاً، متفوقاً بذلك على ميناء جبل علي في دبي، الذي يضم 67 رصيفاً، والمعروف بأكبر ميناء للحاويات في الشرق الأوسط.
ويعد مشروع “طريق التنمية” أحد الخيارات البديلة في حالة نشوب صراعات أو حروب محتملة، حيث إن “طريق الحرير الصيني” لا يمر عبر العراق بشكل مباشر.
ومن المتوقع أن يختصر المشروع في الوقت والتكاليف من خلال اختصاره المسافة بين الصين وأوروبا، مقارنة بالطريق البحري الذي يمر عبر قناة السويس. وبالمقابل، فالمشروع الذي يهدف إلى أن يكون “طريق حرير جديداً” بين تركيا والعراق، يعتبر من المشاريع ذات التكلفة الباهظة التي لا تستطيع الحكومة العراقية تحملها بمفردها، لذلك من المتوقع أن تُسهم تركيا ودول الخليج والصين في تمويل المشروع واستكماله.
وفي 13 سبتمبر/أيلول الجاري، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن بلاده تجري مفاوضات مكثّفة مع العراق والإمارات العربية المتحدة وقطر، بشأن مشروع “طريق التنمية”. وذكر فيدان أن المشروع جرى طرحه على جدول الأعمال خلال الاجتماعات التي حضرها الرئيس أردوغان في قمة قادة مجموعة العشرين، مشيراً إلى أن أردوغان وافق على وضع المشروع موضع التنفيذ في وقت قصير، خاصةً خلال لقائه مع رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وقالت النائبة العراقية السابقة وسيدة الأعمال صونغول جابوك، إن العراق “يقع في قلب طريق الحرير بسبب موقعه، فضلاً عن أن تركيا عاقدة العزم على ربط الدول الأوروبية بالدول الآسيوية عبر العراق”. ووفق جابوك “بفضل هذا المشروع سوف تتاح الفرصة أمام العراق، للوصول إلى آسيا والخليج وحتى أوروبا”.
وأشارت إلى أن تركيا التي كانت حاضرة في العراق بشركاتها المهمة خلال العشرين عاماً الماضية، “أثبتت رغبتها الجادة بالمشاركة ودعم المشروع عبر اجتماعات عقدتها مع العراق وعدة دول، معربةً عن أملها في مساهمة الدول الأخرى في هذا المشروع لتعزيز قطاع النقل بين آسيا وأوروبا.