إيران تفقد العراق في مفاوضات بنوك الشرق الأوسط
تكشف تقديرات مركز أبحاث دولي، أن الحوارات المكثفة التي يرعاها الفيدرالي الأمريكي مؤخراً، بين بغداد والبنوك الكبرى في الشرق الأوسط، داخل أزمة “الدولرة”، ستعزز ميزان التبادل التجاري والاستثماري مع الهند والصين وتركيا، ضد طموحات طهران، وأن الأمور تجري تحت “رعاية أمريكية” لتعديل العلاقات الاقتصادية داخل سوق كبير وواعد في العراق، مع تفهم لخطط الجمهورية الإسلامية حين تريد التكيف مع القواعد الجديدة في عالم المال والعقوبات والحروب المستعرة.
وقال مهدي ضيغمي رئيس منظمة التنمية التجارية الإيرانية، فإن طهران ستحاول زيادة مساهمتها في حجم التبادل التجاري والاستثماري مع العراق ليرتفع إلى 40 مليار دولار في العام 2035 (13 مليار دولار حالياً).
وأضاف “لذا تعمل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على تفكيك الحلقات التي يعتمد فيها العراق على إيران انطلاقاً من قطاع الطاقة وذلك من خلال استثمار العراق ما لديه من احتياطيات كبيرة في مجال الغاز الطبيعي والتي تصل إلى 133 ترليون قدم مكعب”، مبيناً “فيما لو تحقق ذلك فإن العراق سيكون قادراً تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة في غضون السنوات الخمس القادمة موفراً ما يقارب 8 مليارات دولار سنوياً هي قيمة الغاز المستورد من إيران لتوليد الكهرباء”.
ولفت ضيغمي إلى أنه “في هذا المجال يخوض البنك المركزي العراقي منذ أسابيع محادثات مع عدد من البنوك المركزية في المنطقة والعالم للتباحث في مسألة توسيع سلة العملات التي يتعامل بها العراق في تجارته الخارجية، وتتم هذه المباحثات بإشراف مباشر من قبل الخزانة الأمريكية حيث تم التفاهم مع البنوك المركزية في كل من إيران وتركيا والإمارات والصين والهند والاتحاد الأوروبي حول العملات التي سيتم استخدامها في تجارة العراق الخارجية”.
وبين “تحتل الصين صدارة التبادل التجاري بين العراق ودول العالم حيث ارتفعت الأرقام لتصل إلى 53.37 مليار دولار يقوم معظمها على أساس الصادرات النفطية، في حين بلغ التبادل التجاري مع الهند قرابة 37 مليار دولار سنوياً خصوصاً مع ارتفاع واردات دلهي من النفط العراقي”.
أما التبادل بين العراق والاتحاد الأوروبي فقد ارتفع لمستوى 24 مليار يورو العام الماضي، في وقت يتوقع أن ترتفع الأرقام إلى الضعف خصوصاً مع استعداد العراق وتوجهه لتصدير الغاز الطبيعي كجزء من بدائل أوروبا عن واردات الغاز الروسي، كما انضم العراق مؤخراً إلى بنك التنمية والإعمار الأوروبي حيث تسمح هذه العضوية للعراق بتطوير قطاعه المصرفي وتهيئة المناخ المناسب للاستثمار.
ومع توسيع نطاق التجارة بين العراق ودول العالم يزداد ارتباط المصالح الدولية بالسوق العراقية بما يضمن استقرارها وضمان أمن الطاقة العالمي.
وتلعب الجغرافيا دوراً مهماً في العلاقة التجارية بين العراق وإيران. فالحدود الطويلة بين البلدين وكثرة المنافذ التجارية ورخص السلع الإيرانية مقارنة بالمنتجات العراقية تدفع باتجاه زيادة الصادرات الإيرانية إلى العراق. فالسلع العراقية المصدرة إلى إيران لا تعادل عشر السلع الإيرانية المصدرة إلى العراق ما يرجح كفة الميزان التجاري لصالح طهران.
ويؤدي ذلك إلى زيادة الكتلة النقدية من الدينار العراقي في السوق الإيرانية حيث يتم استخدامها لاحقاً في شراء الدولار وسحبه من السوق العراقية. ومن شأن توسيع نطاق التجارة بين العراق ودول العالم أن يقلل من حجم التجارة مع إيران على المدى المتوسط والطويل بنسبة 30% ليتراجع حجم التبادل التجاري بين البلدين.
ويتوقع أن تسيطر كل من الصين الهند وتركيا على حجم التبادل التجاري مع العراق وذلك على حساب التجارة مع إيران. فطريق التنمية الذي يعتزم العراق البدء فيه سيزيد من حجم التجارية بين أوروبا وآسيا عبر تركيا. كما أنه سيزيد من وصول السلع إلى السوق العراقية ما يقلل من كلفتها وزمن وصولها ويعزز المنافسة لصالح المستهلك العراقي.
وفي إطار هذه المعادلة سيكون على حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني البحث عن نقطة التوازن والمحافظة عليها في علاقاته الدولية والإقليمية.
إن تطوير علاقات العراق التجارية مع دول العالم سيكون نقطة التحول الأساسية في سياسات العراق الخارجية وضمان قدرته على إدارة ملفاته المحلية وفق المصلحة الوطنية.