كيف أفسدت الأفلام الإباحية السلامة النفسية والسلوكية للأطفال؟
لعبت شبكات التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية دورًا كبيرًا في تغيير طريقة التواصل والتفاعل لكل الفئات العمرية مع العالم، فهي توفر فرصًا للتعلم والتواصل، وقادرة على التأثير سلبًا في المعايير الأخلاقية خصوصاً لدى الأطفال، وذلك من خلال تعرضهم لمحتوى عنيف أو جنسي.
وقد انتشرت أخيرًا صور إباحية بشكل سريع عبر منصة “إكس”، لدرجة أن إحداها بلغ عدد مشاهداتها 47 مليون مشاهدة قبل أن تحذفها المنصة، وتحظر عمليات البحث عنها.
ويشير الخبراء إلى أن “الأطفال يمكنهم الوصول بسهولة تامة إلى المحتوى غير المناسب مثل العنف والجنس والمشاهد الإباحية على الإنترنت، ومشاهدة هذا المحتوى الجنسي قد يؤثر على نموهم النفسي والجنسي وعلى سلوكهم ونظرتهم لمحيطهم”.
خوارزميات لتحليل السلوك
حذّر خبير تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي المهندس إسلام غانم، من مخاطر تزييف الأطفال لأعمارهم على منصات التواصل الاجتماعي.
وأوضح غانم، في تصريحات لـ”إرم نيوز”، أن “المنظمات في الولايات المتحدة الأمريكية تمنع منصات التواصل من إنشاء حسابات للأطفال، لكن بعض الأطفال يلجؤون إلى تغيير أعمارهم لإنشاء حسابات على هذه المنصات”.
وشدد على أهمية توعية الأهل لمخاطر أن يقدم أطفالهم على إنشاء حساب بمواصفات وهمية، لذلك تجب مراقبة نشاط أطفالهم على الإنترنت.
ولا تمتلك المواقع الإباحية تقنيات محددة لمشاهدة مَن يتابع المواد التي تعرض على موقعها، لكنها تعتمد على خوارزميات ذكية لعرض محتوى يتناسب مع اهتمامات مستخدميها، بمن في ذلك الأطفال.
ويُوضح غانم أن “هذه الخوارزميات تعمل على تحليل سلوك المستخدم، مثل تقييم الفيديوهات المعروضة وعدد مشاهداتها وكمية التفاعلات معها من دائرة المقربين للطفل، لتقديم محتوى مشابه لما يميل إليه”.
وهذا يعني أن اقتراحات الفيديوهات الإباحية للأطفال على تلك المواقع لا تتم بشكل عشوائي، بل تعتمد على تحليلات دقيقة لسلوكهم على الإنترنت.
ويُحذر غانم من خطورة هذه الممارسات على سلامة الأطفال، ويُؤكد أهمية توعية الآباء بمخاطر الإنترنت واتخاذ خطوات لحماية أطفالهم من التعرض لمحتوى غير مناسب.
وأشار إلى أن “المقاطع الإباحية تنتشر بشكل أكبر على منصة تيك توك، نظرًا لغياب الرقابة عليها”.
سم في العسل
ويتفق الباحث المتخصص في تكنولوجيا المعلومات، محمد المصري، مع تصريحات غانم المتعلقة بتحكم الخوارزميات في تقديم المحتوى الإباحي للأطفال على مواقع التواصل بتلك العوامل المذكورة سلفًا.
ويقول المصري لـ”إرم نيوز”، إن “السوشال ميديا أشبه بدس السم في العسل، فالفيديوهات الخبيثة التي تنتشر تؤثر على الأطفال الذين يتم استقطابهم واصطيادهم لمشاهدتها، لا سيما عند امتلاكهم الهواتف الذكية في سن مبكرة”.
وأضاف أن “مشاهدة الأطفال الصغار لتلك المقاطع أعلى بكثير من مشاهدة الراشدين لها”، لافتًا إلى أن “الأغلبية العظمى من الحسابات على تلك المواقع، يمتلكها أطفال دون 16 عامًا، بأسماء وأعمار مزيفة”.
وفيما يتعلق بالتأثيرات المرضية والسلوكية، يقول استشاري طب نفس الأطفال، الدكتور حاتم زاهر، إن “مشاهدة الأفلام الإباحية في سن مبكرة تجعل الأطفال على علم بتفاصيل أكبر من قدرتهم على فهمها وعلى ممارستها، ولكن إذا خاضوا التجربة ومارسوا ما شاهدوه قد يدخلون في نفق الإضطرابات النفسية التي قد تلازمهم في كل مراحل حياتهم”.
وأضاف زاهر في تصريحات لـ”إرم نيوز”، أن “الطفل الذي يشاهد النوعية الإباحية من الأفلام نتيجة ما شاهده قد ينعكس على سلوكه فيقدم على التحرش بالجنس الآخر في الشارع أو في المدرسة، وقد يسلك طريق الشذوذ الجنسي مع أطفال آخرين من جنسه”.
ولفت إلى أن “استمرار الأطفال في مشاهدة هذه الأفلام، يعرضهم لأمراض نفسية خطيرة، كفقدان التركيز وفقدان الرغبة بالاحتكاك والعزلة والاكتئاب؛ ما يساهم في تدهور نتائجهم الدراسية وتدهور علاقاتهم مع المحيطين بهم”.
وأضاف أن هناك “أطفالًا يُقبلون على تناول المواد المخدرة، نتيجة مشاهدة الأفلام الإباحية، فهذه الرغبة تندرج ضمن الاضطرابات الناتجة عن تكرار المشاهدات إلى حد الهوس، فبالإضافة إلى لائحة الاضطرابات النفسية والسلوكية التي قد تستدعي تدخلات علاجية وتنمية مهارات وإرشادات أسرية قد تظهر مشكلات عقلية أيضا”.
وأشار زاهر إلى ضرورة وضع الطفل تحت المراقبة حال ملاحظة أي سلوك غريب يطرأ على شخصيته، مشدداً على “ضرورة تنظيم وقت الطفل وكسب ثقته حتى يكون ولي أمره صديقه، لحمايته من المخاطر المحتملة”.
وكشفت دراسة أجرتها شركة Deeptrace للأمن السيبراني عام 2019، عن أن 96% من محتوى الفيديو المزيف عبر الإنترنت كان عبارة عن مواد إباحية.
وتشير الدراسة إلى أن “هذه الظاهرة تُشكّل مشكلة كبيرة، خاصة أنها تُستخدم في الغالب لابتزاز الضحايا أو لنشر معلومات مضللة”، وشددت على أن “استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء مواد إباحية مزيفة يزداد بشكل كبير، ما يجعل من هذه المشكلة أكثر صعوبة في معالجتها”.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت “ميتا” عبر تدوينة جديدة عن توسيعها مزايا سلامة الأطفال على منصاتها.