خبراء سوريون: 900 ألف وثيقة تدين نظام الأسد
قال خبراء وقانونيون سوريون، إن ما حرق مؤخراً من أدلة تدين نظام الأسد في ارتكاب جرائم بحق الشعب السوري، هو جزء بسيط جداً من الوثائق والأدلة الحاضرة التي يتم تجهيزها على مدار 14 سنة، وهي بحوزة منظمات سورية ودولية بالداخل والخارج، وتقدر بأكثر من 900 ألف وثيقة إدانة.
وأوضحوا في تصريحات لـ”إرم نيوز”، أن الأدلة يتم ترتيبها في الوقت الحالي، لتقديم المذكرات للجهات الدولية من أجل إنشاء محكمة دولية خاصة بالنظام السوري ولمن ارتكبوا جرائم بحق الشعب، لافتين إلى أن تلك الأدلة توفر الآلية المستقلة المحايدة لمحاسبة نظام الأسد على الجرائم التي ارتكبت في سوريا.
وأكدوا أن النظام السوري لن ينجو من العقاب، حتى مع قيام أتباع له بحرق وإتلاف مستندات ووثائق تثبت تورطه في الجرائم، وهي المتواجد منها نسخ مع منظمات حقوقية محلية وإقليمية، في ظل ما كرسته المادة 175 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، بأن البينة تقام في الجنايات والجنح والمخالفات، بجميع طرق الإثبات.
توثيق مبكر
ويؤكد رئيس اتحاد السوريين للدفاع عن المعتقلين، الحقوقي محمد عمر كعكة، أن توثيق جرائم النظام السوري، ليس وليد هذه الفترة مع سقوطه وما بعد ذلك، ولكنه منذ بداية الثورة، والوثائق التي تم حرقها مؤخراً لن تؤثر بشكل كبير، نظراً لما بحوزة المنظمات الحقوقية في الأساس من مستندات ووثائق.
ويوضح كعكة أن الأدلة المتواجدة بين أيدي المنظمات الحقوقية السورية والدولية، توفر الآلية المستقلة المحايدة لمحاسبة نظام الأسد على الجرائم التي ارتكبت بسوريا منذ مارس آذار 2011، لافتا إلى وجود تنسيق دائم مع المنظمات الدولية ومذكرات تفاهم لتبادل المعلومات والأدلة والمستندات؛ ما جعل هناك أعداداً هائلة من الأدلة والوثائق على هذه الجرائم، وقد قدم اتحاد السوريين للدفاع عن المعتقلين مستندات حول مجزرة الكيماوي، المدان فيها نظام الأسد من منظمة حظر السلاح الكيماوي الدولية، بارتكاب 222 استهدافاً كيماوياً بسوريا.
وأشار إلى أنه تمت إدانة النظام بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في المعتقلات ولدينا ملايين المستندات والوثائق بجانب آلاف الشهادات، وسط تواصلنا مع لجان التحقيق الدولية والعديد من البلدان، للوقوف أيضاً على حقائق ومستندات تتعلق بالمغيبين قسراً، ويتم ترتيب الوثائق في هذا الصدد، للوقوف على مصير المفقودين.
وشدد كعكة على عدم قدرة رموز النظام السابق على النجاة من العقوبات حتى بعد حرق الأدلة على الجرائم التي ارتكبوها سواء أمام المحاكم المحلية والدولية، مشيراً إلى امتلاك الاتحاد وثائق وسبل تعاون مع عدة دول منهم أصحاب الولاية القضائية العالمية مثل فرنسا حيث نمتلك وثيقة تعهد من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بمحاسبة نظام الأسد ورموزه على جرائم الحرب والكيماوي ومجازر ضد الإنسانية تم ارتكابها، وستتم محاسبة من قاموا بها أمام المحاكم المحلية والدولية.
وأردف كعكة أن الوثائق أو الأدلة التي تم حرقها من قبل عصابات محسوبة على النظام السابق، لا تشكل واحداً في المليون من الوثائق المتواجدة للمنظمات الحقوقية السورية أو الدولية، عبر جهد تم خلال 14 سنة من وثائق مصورة فيلمية ومستندات، توضح جيداً جميع أشكال الجرائم، التي حملت إعطاء الأوامر العسكرية حول ارتكابها، بتوجيه مباشر من بشار الأسد إلى أعوانه وضباط في الأفرع الأمنية والجيش.
وتطرق كعكة إلى عمليات استهداف المشافي والمدنيين وجرائم الكيماوي والاعتقالات ومذابح شاركت فيها ميليشيات إرهابية تم استقطابها من إيران ولبنان والعراق وأفغانستان وباكستان، تتواجد بشأنها أدلة ومستندات وستتم ملاحقة الدول التي شاركت في استهداف الشعب السوري من نساء وأطفال ومدنيين.
ولفت إلى أن طبيعة تصنيف الجرائم بالمرحلة القادمة، ستكون عبر خبراء بالقانون الدولي وسيتم الادعاء بعد تشكيل محكمة دولية، ليس فقط على النظام ورموزه ولكن أيضاً الدول التي شاركت بارتكاب هذه الجرائم مثل الحرس الثوري والميليشيات الإيرانية القادمة من باكستان ولبنان والعراق.
وأوضح العمر أن قرائن وقواعد الإثبات في القانون الجزائي تستند إلى مبدأ الأدلة المطلقة وحرية الإثبات على خلاف القانون المدني الذي حدد وسائل الإثبات وقيد القاضي المدني بها.
وبين العمر أن مبدأ الاستناد على الأدلة المطلقة وحرية الإثبات في مثل هذه الجرائم التي ارتكبت من النظام بحق المدنيين، كرس في المادة 175 من قانون أصول المحاكمات الجزائية حيث جاء فيه أن البينة تقام في الجنايات والجنح والمخالفات بجميع طرق الإثبات، وإذا نص القانون على طريقة معينة للإثبات وجب التقيد بهذه الطريقة، لذلك فإن النظام السوري لن ينجو من المحاكمة ومن الممكن إقامة البينة القانونية على جرائمه، بجميع وسائل الإثبات القانونية.
وكشف العمر أنه من قبل سقوط النظام، هناك بحوزة منظمات ومؤسسات حقوقية، أكثر من 900 ألف وثيقة تدين النظام وأركانه بمن فيهم رأس النظام بشار الأسد، لافتاً إلى أنه بعد انهيار المنظومة الحاكمة السابقة، تم العبث من قبل عصابات تتبع النظام بإتلاف بعض من الوثائق من خلال الحرق والإخفاء، وصار العبث أيضاً من قبل أهالي المعتقلين بحسن نية.
وتابع العمر أنه تمت توعية المدنيين من أجل الحفاظ على الوثائق التي بحوزتهم والحصول عليها لتقديمها للجهات المعنية وتم جمع وثائق مهمة، وسيتم العمل على إعدادها وتنظيمها بما يصنف الجرائم ومرتكبيها.
وأضاف العمر أن قيام النظام بعملية حرق أرشيف الوثائق التابعة للدولة جرم بحد ذاته يضاف إلى سجله ويعاقب عليها القانون السوري بعقوبات جنائية.