متى نرى صُنع في العراق؟
الحقوقية انوار داود الخفاجي
لطالما كان العراق مهدًا للحضارات ومركزًا اقتصاديًا وتجاريًا مهمًا عبر التاريخ، لكنه اليوم يواجه تحديات كبيرة في بناء صناعة وطنية قوية قادرة على المنافسة. ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحًا: متى سنرى منتجات تحمل علامة (صُنع في العراق ) وتنتشر في الأسواق المحلية والعالمية؟
هناك العديد من العقبات التي تعيق تطور الصناعة في العراق منها:
عدم الاستقرار السياسي والأمني يؤثر الوضع السياسي غير المستقر على البيئة الاستثمارية، مما يجعل المستثمرين المحليين والأجانب يترددون في ضخ أموالهم في القطاع الصناعي.
البنية التحتية المتهالكة تعاني المصانع من ضعف البنية التحتية، مثل الكهرباء والمواصلات وشبكات المياه، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج.
الإغراق السلعي والاعتماد على الاستيراد السوق العراقية مشبعة بالبضائع المستوردة، مما يضعف القدرة التنافسية للمنتجات المحلية.
الفساد الإداري وضعف السياسات الداعمة تعاني القطاعات الصناعية من الفساد والبيروقراطية، مما يبطئ عملية إنشاء وتشغيل المصانع.
نقص الكوادر الفنية والتقنية بسبب الهجرة وقلة برامج التدريب، هناك نقص في الأيدي العاملة الماهرة التي يمكنها تشغيل المصانع بفعالية.
ورغم التحديات، هناك خطوات يمكن اتخاذها لإحياء الصناعة العراقية وتعزيز الإنتاج المحلي اهمها:
تطوير البنية التحتية
لا يمكن للصناعة أن تزدهر دون شبكة كهرباء مستقرة وطرق وموانئ حديثة. لذلك، يجب أن تستثمر الحكومة في تحديث البنية التحتية، وتوفير بيئة صناعية جاذبة للاستثمارات.
تفعيل القوانين الداعمة للصناعة
يجب وضع سياسات تحفز الإنتاج المحلي، مثل فرض ضرائب على المنتجات المستوردة التي لها بدائل محلية، وتقديم دعم مالي للمصانع العراقية.
مكافحة الفساد وتسهيل الإجراءات
يعد الفساد الإداري أحد أكبر المعوقات أمام الصناعة. لذا، فإن الشفافية وتبسيط الإجراءات الإدارية للاستثمار وإنشاء المصانع يمكن أن يشجع رجال الأعمال والمستثمرين.
تطوير التعليم الفني والتدريب المهني
يجب إعادة تأهيل العمال وتدريب الشباب على المهارات الصناعية الحديثة لضمان توفر كوادر قادرة على العمل في المصانع.
تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي
من الضروري جذب الاستثمارات الأجنبية والشراكات مع شركات عالمية لنقل التكنولوجيا، بالإضافة إلى دعم رجال الأعمال العراقيين للاستثمار في الصناعة.
دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة
تلعب المشاريع الصغيرة والمتوسطة دورًا كبيرًا في الاقتصاد. لذا، يجب تقديم الدعم اللازم لهذه المشاريع من خلال منح القروض الميسرة وتوفير المواد الخام بأسعار تنافسية.
وبرغم التحديات، هناك مبادرات ناجحة تشير إلى إمكانية النهوض بالصناعة العراقية. على سبيل المثال، شهد قطاع الصناعات الغذائية تطورًا في السنوات الأخيرة، حيث بدأت بعض الشركات المحلية بإنتاج منتجات ذات جودة تنافسية تغطي جزءًا من حاجة السوق المحلي. كذلك، شهدت بعض الصناعات مثل الأسمنت والبتروكيماويات تطورًا ملحوظًا.
في خلاصة القول (صُنع في العراق) ليس مجرد شعار، بل هو هدف يمكن تحقيقه إذا توفرت الإرادة السياسية والدعم الحكومي والبيئة الاستثمارية المناسبة. إن تعزيز الإنتاج المحلي سيؤدي إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد، وتوفير فرص العمل، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام. فمتى نرى العراق يستعيد مكانته الصناعية؟ الإجابة تعتمد على مدى جدية الخطوات التي تُتخذ اليوم لبناء مستقبل صناعي قوي.