والد أحمد الشرع ينتقد سياسة نجله

والد أحمد الشرع ينتقد سياسة نجله

لم يمر منشور والد الرئيس السوري أحمد الشرع على منصة “فيسبوك” مرور الكرام بين السوريين، والذي تضمن انتقادًا للقرارات الاقتصادية الصادرة عن الإدارة السورية التي يرأسها ابنه.

ولم يركز السوريون كثيرًا في فحوى المنشور الرافض لبيع القطاع العام، والداعي إلى إصلاحه وإعادته للإنتاج، وإنما إلى الفكرة بحد ذاتها؛ أي أن يكتب والد الرئيس منشورًا ينتقد فيه قرارات الرئيس وفريقه الاقتصادي.

وكالعادة، انقسم السوريون بين من رأى في منشور حسين الشرع دليلًا على الأجواء الديمقراطية وحرية التعبير التي تعيشها سوريا بعد سقوط نظام الأسد، واحترام الاختلاف حتى ضمن أسرة الرئيس نفسه.

فيما وجد القسم الآخر من السوريين أن الأمر هو عبارة عن “دعاية” للإدارة الجديدة ومحاولة للقول: إن سوريا تنعم بالحرية وتتسع لجميع الآراء، فيما واقع الحال أن السلطة الجديدة تتفرد وتحتكر القرارات المصيرية والخطيرة وتتحكم بمستقبل السوريين دون أن يكون لهم رأي حقيقي، حسب قولهم.

منشور “اقتصادي”

كتب والد الرئيس السوري، الدكتور حسين الشرع في منشوره على “فيسبوك”: “بعدما ما سمعته حول تخصيص شركات ومؤسسات القطاع العام الاقتصادي، أود أن أقول بملء الفم إن هذا غلط كبير، ذلك أن هذا القطاع العام أقيم خلال عشرات السنوات، وهو ثروه قومية، وهو ملك الشعب، وإذا كان هناك ترهل وفساد وخسائر فهذا لا يعود للبنى الأساسية، وليس للشركات والمعامل، ولكن للإدرات الجهولة وإداراتها قليلة الخبرة، ولأنها اعتبرتها ملكًا لها تعمل فيها ما تشاء”.

وطالب حسين الشرع في منشوره بإعادة تقييم عمل هذه الشركات والمعامل والمؤسسات، ومعرفة ما ينقصها من قبل خبراء في الشؤون الفنية والإداريين، وإصلاح وإعادة صيانة وتبديل خطوط الإنتاج القديمة بخطوط إنتاج جديدة وتعيين إدارات ذات مسؤولية لإعادة تشغليها بالإمكانيات المتوفرة، والعمل على تقليل التكاليف، والتسويق الجيد للمنتجات، ومراعاة الجوده في الإنتاج وتصدير هذه المنتجات، وفقًا للشرع.

ويضيف الشرع الأب أن “القطاع العام في سوريا حمل العبء الأكبر في مراحل عديدة، وهو قادر على القيام بذلك، من خلال العمل على التطوير الاقتصادي والاجتماعي. وقال: “تذكروا أن هذا القطاع يعمل به آلاف العمال بمختلف تخصصاتهم” متسائلًا: أين تذهبون بهم؟ هل ترمونهم في الشارع وتزيدون معدلات البطالة ثم تكسبون ملايين الليرات وتخسرون هذا القطاع الواسع والشامل وتضعونه في جيب رأس المال الذي سيعدمه انتقامًا وكيدية؟”.

وأشار حسين الشرع إلى التجربة المصرية في هذا المجال، فقال: “لو درستم ما حل بالقطاع العام في مصر لوقفتم وقفة تفكير، وقد امتلكه الغرباء وليس المصريين، وإن حدث نفس الأمر عندنا فهذا سيهدد السيادة الوطنية، لأن هذه الشركات والمعامل ليست فقط قطاع اقتصاد الشعب، فهذا له تاريخ وعراقة.. لا تهدموا تاريخنا الاقتصادي لأنكم لم تعرفوا أهمية هذا القطاع، أو لأنه يمت بصلة للأنظمة السابقه”.

وختم والد الرئيس السوري منشوره بالقول “اعملوا على تصحيح وتدعيم هذا القطاع ولا تبيعوه بتراب الفلوس.. إنه يا سادة  التكوين الرأسمالي للسوريين..  تصرفوا بعقلانية  وليس بتدمير كل ما سبق، فهذا غلط كبير “.

“إصلاحات” وخصخصة

وأعلنت الحكومة السورية المؤقتة أنها تخطط لتنفيذ إصلاحات اقتصادية واسعة النطاق بهدف إنعاش الاقتصاد المنهك، وتشمل هذه الإصلاحات خططًا لخفض عدد موظفي القطاع العام بنحو الثلث، بالإضافة خصخصة الشركات الحكومية التي كانت تهيمن على الاقتصاد خلال العقود التي حكمت فيها عائلة الأسد.

وأثارت الوتيرة السريعة لهذه الإصلاحات، التي تركز على تقليص الفساد والهدر المالي، احتجاجات بين الموظفين الحكوميين. بعد أن بدأت أولى عمليات التسريح عقب أسابيع قليلة من الإطاحة ببشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وقال وزير الاقتصاد السوري، باسل عبد الحنان، إن الحكومة تتبنى نهجًا جديدًا يقوم على “اقتصاد السوق الحرة التنافسي”.

وأضاف أن حكومة الرئيس أحمد الشرع ستقوم بخصخصة 107 شركات صناعية مملوكة للدولة، معظمها غير مربحة. لكنه أكد أن أصول الطاقة والنقل التي تُعتبر إستراتيجية ستظل تحت سيطرة الدولة، دون أن يحدد أسماء الشركات التي ستخضع للخصخصة. وتشمل الصناعات الكبرى في سوريا النفط، والأسمنت، والصلب.

من هو حسين الشرع؟

هو سليل عائلة غنية كانت تتمتع بالكثير من الأملاك في منطقة حوران، واشتهرت برفضها للانتداب الفرنسي. ولد حسين الشرع عام 1944 في منطقة الزوية في الجولان، وانجذب خلال دراسته الثانوية للزعيم المصري جمال عبد الناصر، وعرف كقومي ناصري، رفض الانضمام إلى حزب البعث السوري، وتظاهر ضد الانفصال عام 1963، قبل أن ينتقل إلى العراق، الذي كان تحت حكم عبد السلام عارف، حيث استكمل دراسته الثانوية وتخرج، بعد ذلك، في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1969.

عاد إلى سوريا، وتمكن، بعد وصول حافظ الأسد إلى السلطة، من العمل في الشركة العامة للنفط وأصبح مديرًا للشؤون الاقتصادية ومستشارًا في وزارة النفط، وتابع دراسات عليا في مجال النفط، وألف كتابين عن اقتصاد النفط.

انتقل في نهاية السبعينيات إلى السعودية للعمل كباحث اقتصادي في وزارة البترول السعودية، ونشر مقالات اقتصادية وسياسية في جريدة الرياض، وأنجب ابنه أحمد في السعودية عام 1982.

عاد إلى سوريا ليشغل منصب مستشار صناعة النفط لرئيس الحكومة، وأقام في حي المزة، حيث فتح شركة وساطة عقارية وسوبر ماركت، بعد أن غادر منصبه الحكومي.

ومع انطلاق مظاهرات الربيع العربي في سوريا، وتصاعد الاشتباكات وأعمال العنف، غادر والدا أحمد الشرع دمشق إلى القاهرة، حيث يقيمان في مدينة 6 أكتوبر.

توافق أم خلاف؟

تشير سيرة حسين الشرع، أن الوالد كان قوميًّا ناصريًّا منذ مرحلة الدراسة الثانوية، ولكنه رفض أن يكون بعثيًّا في سوريا؛ ما حرمه من خوض غمار السياسة في إطار انتخابات تشريعية، ويقال إنه من أنصار نظام حكم مدني ديمقراطي لا يميز بين فئات المواطنين المختلفة على أساس الدين أو العرق.

بينما عُرف عن مسيرة ابنه الأصغر أحمد، أنه خاض مسارًا إسلاميًّا جهاديًّا في بداية شبابه، ولكنه ينتهج اليوم نهجًا معتدلًا.

تابعونا عبر تليغرام
Ad 6
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com