رغم أن القوى والأحزاب السياسية في العراق لا تزال تفصلها نحو 7 أشهر عن موعد الانتخابات البرلمانية العامة المقرر إجراؤها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، فإن الحديث عن تحالفات محتملة بدأ مبكراً، وأصبح متداولاً في الأوساط السياسية والإعلامية وحتى الشعبية.
يأتي هذا في ظل الحديث المتزايد عن إمكانية تأثر العراق بتحولات المنطقة، خصوصاً مع استمرار الضغوط الأميركية على طهران. ويميل الكثير من المراقبين المحليين إلى الاعتقاد أن أي «هزة» أو تصدع قد يصيب المؤسسة الحاكمة في إيران خلال الأشهر القليلة المقبلة سيكون له تأثير واضح على طبيعة التحالفات السياسية العراقية، وربما على شكل النظام السياسي نفسه. وذلك لأن مثل هذا التطور سيترك بالضرورة أثره المباشر على حلفاء إيران، وعلى رأسهم قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية التي هيمنت على حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بعد أن أجبرت مقتدى الصدر وتياره على الانسحاب من البرلمان رغم فوزهم بأكبر عدد من المقاعد النيابية في انتخابات 2022، حيث حصلوا على 73 مقعداً.
وتشير معظم المؤشرات إلى رغبة الصدر في المشاركة في الانتخابات المقبلة، لكن الغموض لا يزال يلف موقفه فيما يتعلق بالتحالف مع أحزاب وقوى أخرى؛ ما يترك الباب مفتوحاً أمام سيناريوهات متعددة قد تؤثر على المشهد السياسي العراقي في الفترة المقبلة.
وتُرجح مصادر سياسية أن يعمل رئيس الوزراء محمد السوداني على نسج تحالف مع ثلاثة من محافظي البصرة وكربلاء وواسط، الذين حصلوا على أعلى الأصوات في الانتخابات المحلية التي أُجريت نهاية عام 2023. كما تشير المصادر إلى احتمال انضمام ثلاثة وزراء بارزين في الحكومة الحالية إلى هذا التحالف، بينهم وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، الذي يُقال إنه يعتزم الانخراط في العمل السياسي خلال الدورة البرلمانية المقبلة.
وفي سياق موازٍ، تُطرح احتمالات أخرى تشير إلى إمكانية تحالف السوداني مع «تيار الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، وكذلك مع تحالف «النصر» الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي. بالإضافة إلى ذلك، تفيد مصادر مقربة من السوداني بأنه يسعى منذ فترة إلى استقطاب النواب المستقلين في البرلمان الحالي؛ تمهيداً لتشكيل تحالف معهم في الانتخابات المقبلة.
من جهة أخرى، أعلن وزير التعليم العالي نعيم العبودي، القيادي في حركة «عصائب أهل الحق»، أن «الحركة تميل إلى خوض الانتخابات بقائمة منفردة، مع إبقاء الباب مفتوحاً لتحالفات محدودة مع بعض الكتل والشخصيات». إلا أن مراقبين يرون أن الحركة قد لا تخاطر بالمشاركة دون حلفاء؛ «نظراً لعدم امتلاكها الشعبية الكافية لضمان فوز مريح بمقاعد برلمانية».
وفي إطار آخر، تُعد إمكانية عودة الحزبين الكرديين الرئيسيين، «الاتحاد الوطني الكردستاني» و«الحزب الديمقراطي الكردستاني»، إلى صيغة «التحالف الكردستاني» من أقوى الترجيحات التي برزت مؤخراً. وكان هذا التحالف سائداً في الدورات الانتخابية التي تلت عام 2003، قبل أن تتفكك خيوطه بسبب الخلافات الداخلية؛ ما دفع كل طرف إلى التحالف مع قوى عربية سنية وشيعية. ويبدو أن إدراك قادة الحزبين للتغيرات المحتملة في المشهد السياسي العراقي هو الدافع وراء هذا التحالف المرتقب.
28 مليون ناخب
أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أن عدد العراقيين المؤهلين للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة قد تجاوز 28 مليون ناخب. وأظهرت إحصائية نشرتها المفوضية أن أعداد الناخبين شهدت ارتفاعاً ملحوظاً، حيث تصدرت منطقة الرصافة في بغداد قائمة المناطق الأكثر مشاركة، تليها منطقة الكرخ، ثم محافظات نينوى والأنبار وذي قار.
وناهز عدد سكان العراق 46 مليون نسمة، وفقاً لآخر إحصاء سكاني أُعلنت نتائجه الشهر الماضي. وتنعكس هذه الزيادة السكانية على عدد المقاعد البرلمانية، حيث يُتوقع أن يتجاوز العدد الإجمالي للمقاعد 460 مقعداً، وذلك استناداً إلى الدستور العراقي الذي يُحدد نائباً واحداً عن كل 100 ألف مواطن. وهذا يعني زيادة نحو 100 مقعد عن الدورة الحالية التي تضم 329 نائباً. وتواجه هذه الزيادة انتقادات شعبية واسعة، مع مطالبات بتعديل الدستور ليصبح نائب واحد عن كل 200 ألف نسمة.
وفي وقت سابق، كشفت المفوضية عن وجود قرابة مليون ناخب من مواليد عام 2007، الذين بلغوا سن 18 عاماً، وهو السن القانونية التي تؤهلهم للمشاركة في الانتخابات. وكان عدد الناخبين المؤهلين للتصويت في انتخابات عام 2021 قد بلغ 25 مليوناً و139 ألفاً و375 ناخباً، إلا أن الإحصاء السكاني الأخير أظهر أن هذه الأرقام لم تكن دقيقة.