خطة العراق لتحويل اقتصاده: رهان محفوف بالمخاطر

خطة العراق لتحويل اقتصاده: رهان محفوف بالمخاطر

كشف موقع Oilprice.com أحد أشهر الموقع الاخبارية المعنية بشؤون الطاقة في العالم، والذي يركز في تحليلاته على النفط والغاز والطاقة البديلة والجغرافيا السياسية، عن وجود مخاطر تهدد خطة العراق لتحويل اقتصاده.

وأشار الموقع إنه “في مايو 2023، أعلنت العراق عن مشروع “طريق التنمية”، وهو مشروع ضخم بقيمة 17 مليار دولار، يتضمن إنشاء خط سكك حديدية وطريق بري بطول 1,200 كيلومتر، يربط ميناء الفاو الجديد في جنوب العراق بتركيا، مما يهدف إلى خلق طريق تجاري استراتيجي يربط آسيا بأوروبا”.

وأوضح أن أهداف المشروع:

1. تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط

تسعى بغداد إلى تقليل الاعتماد على صادرات النفط، التي تشكل 85% من الإيرادات الفيدرالية و42% من الناتج المحلي الإجمالي.

البنك الدولي يشير إلى أن النفط يمثل أكثر من 99% من إجمالي صادرات العراق، مما يجعله واحدًا من أكثر الاقتصادات اعتمادًا على النفط في العالم.

التقلبات في أسعار النفط تؤثر بشكل كبير على الميزانية العامة، مما يعوق تمويل مشاريع البنية التحتية والخدمات العامة.

وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، من المتوقع أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى ذروته في 2030، مما قد يؤثر على الاقتصاد العراقي مستقبلًا.

2. تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل

تحويل العراق إلى مركز نقل إقليمي يمكن أن يساهم في خلق فرص عمل جديدة وتحسين البنية التحتية.

المشروع يَعِدُ بتوفير 100,000 وظيفة، وتحقيق إيرادات سنوية تبلغ 4 مليارات دولار.

العراق يواجه تحديات في توفير فرص عمل للخريجين الجدد، حيث يبلغ معدل البطالة 16.5%، وهو أعلى بين النساء وسكان المناطق الريفية.

3. التعاون الإقليمي والاستثمارات الأجنبية

المشروع مدعوم من تركيا، وتشارك فيه كل من قطر والإمارات، والتي من المحتمل أن تلعب دور الممولين الرئيسيين.

يعزز المشروع التكامل الاقتصادي الإقليمي، لكنه قد يثير توترات مع دول مثل الإمارات، الكويت، وإيران، التي قد تعتبره منافسًا لموانئها التجارية.

التحديات التي تواجه المشروع:

1. المنافسة الإقليمية والعوامل الجيوسياسية

الإمارات قد ترى في ميناء الفاو تهديدًا لموانئها السبعة الكبرى.

الكويت قد تعارض المشروع لأنه قد يؤثر على مشروع ميناء مبارك الكبير الذي يتم بناؤه على جزيرة بوبيان بدعم صيني.

إيران قد تعتبر المشروع تهديدًا لموانئها (تشابهار، بندر عباس، بندر إمام الخميني) وقد تحاول عرقلته سياسيًا أو من خلال عمليات تخريبية.

الولايات المتحدة قد تحاول عرقلة أي تعاون اقتصادي بين العراق وإيران كجزء من سياستها ضد طهران.

2. عدم الاستقرار السياسي والفساد

المشهد السياسي العراقي لا يزال هشًا، حيث تتصارع الفصائل المختلفة على النفوذ.

الفساد المستشري قد يؤثر على نجاح المشروع، ما قد يؤدي إلى عزوف المستثمرين الدوليين عن المشاركة.

بعض الأحزاب العراقية المعارضة قد تعرقل تمويل المشروع لأسباب سياسية.

3. التحديات الأمنية

وجود الجماعات الإرهابية، مثل تنظيم داعش، قد يشكل خطرًا على سلامة المشروع.

الوضع الأمني في المناطق الشمالية والغربية قد يعوق التنفيذ السلس للمشروع.

4. المخاطر الاقتصادية والتكاليف المتزايدة

التقديرات الأولية تشير إلى أن تكلفة المشروع قد ترتفع من 17 مليار دولار إلى أكثر من 24 مليار دولار.

ووعد البنك الدولي بإجراء دراسة جدوى بحلول فبراير 2026، أي بعد ثلاث سنوات من الإعلان عن المشروع.

العراق يواجه منافسة من مشاريع إقليمية كبرى، مثل:

مبادرة الحزام والطريق الصينية

الممر الأوسط (Middle Corridor) الذي تدعمه الولايات المتحدة لتجنب المرور عبر روسيا

ممر الهند-الشرق الأوسط-أوروبا (IMEC)، الذي يهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط

5. التحديات البيئية ونقص الموارد المائية

العراق يعاني من شح المياه، حيث تم تصنيفه ضمن أكثر 23 دولة تعاني من الإجهاد المائي عالميًا.

مشروع الطريق يتطلب كميات هائلة من المياه لصنع الخرسانة والبنية التحتية.

تركيا، التي تتحكم بمجرى نهري دجلة والفرات، لم توقع على اتفاقية الأمم المتحدة للمياه، مما يعقد أي اتفاقيات مستقبلية حول تقاسم المياه.

دور الصين المحتمل في المشروع:

الصين هي أكبر شريك تجاري للعراق ومزود رئيسي للتكنولوجيا، بما في ذلك السكك الحديدية عالية السرعة (HSR) والاتصالات اللاسلكية (5G).

العراق حصل على 17 مليار دولار من الاستثمارات الصينية، وقد تسعى بكين للمشاركة في المشروع.

السؤال هو: هل ستعترض الولايات المتحدة على مشاركة الصين في طريق التنمية؟

مستقبل المشروع: فرص النجاح والتحديات المستمرة

المشروع يمكن أن يكون عاملًا محوريًا في تحويل العراق إلى نقطة ربط رئيسية بين الشرق والغرب، مما يعزز موقعه الجيوسياسي.

ولكن نجاحه يعتمد على: الاستقرار السياسي في العراق، وضمان التمويل الكافي وإدارة الموارد المالية بحكمة، والتعاون الإقليمي مع الدول المجاورة، خاصة إيران وتركيا، ومعالجة قضايا الأمن والفساد لضمان استدامة المشروع، والاستثمار في الموارد البشرية لضمان تشغيل المشروع بكوادر عراقية مؤهلة.

الخاتمة

يعتبر “طريق التنمية” مشروعًا طموحًا يحمل إمكانات اقتصادية هائلة للعراق، لكنه يواجه تحديات كبيرة تتعلق بالسياسة، الأمن، التمويل، والبيئة. نجاح المشروع سيعتمد على قدرة العراق على إدارة التحديات الداخلية والخارجية، وتعزيز التعاون الإقليمي، والاستفادة من الاستثمارات الدولية بطريقة فعالة.

تابعونا عبر تليغرام
Ad 6
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com