من بريد إلكتروني إلى تسريب عسكري.. تفاصيل حادثة “سيغنال” التي أربكت إدارة ترامب

تكشفت تفاصيل جديدة حول إضافة اسم رئيس تحرير مجلة “ذي أتلانتيك” جيفري غولدبرغ، إلى محادثة بين كبار مسؤولي الأمن الأمريكيين على تطبيق “سيغنال” الشهر الماضي، حول ضربات في اليمن.
وقالت مصادر إنه تبين أن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الأمريكي، أدرج اسم الصحافي الشهير في المحادثة الجماعية، بعدما حفظ رقمه عن طريق الخطأ قبل أشهر تحت اسم شخص آخر كان ينوي إضافته.
وكان هذا الخطأ واحدا من عدة هفوات كشفت عنها نتائج تحقيق داخلي في البيت الأبيض، أظهر سلسلة من الأخطاء المتراكمة التي بدأت خلال حملة ترامب الانتخابية لعام 2024، ولم يتم الانتباه إليها إلا عندما أنشأ والتز مجموعة المحادثة في الشهر الماضي.
وقد فكر ترامب في إقالة والتز على خلفية الحادث، غير أن انزعاجه الأكبر لم يكن بسبب مناقشة عملية عسكرية على منصة غير آمنة، بل لأنه اكتشف أن والتز يحتفظ برقم غولدبرغ، رئيس تحرير مجلة “ذا أتلانتك” وهي مجلة يكن لها ترامب عداء شديدا.
لكن ترامب قرر في نهاية المطاف عدم المضي قدما في قرار الإقالة، لأنه لم يرغب في أن تظهر مجلة “ذا أتلانتك” أو وسائل الإعلام الأخرى وكأنها نجحت في فرض إقالة مسؤول بارز بعد أسابيع فقط من بدء ولايته الثانية. كما ساهمت نتائج التحقيق الداخلي في تهدئة غضبه.
وقد دفعت هذه الواقعة البيت الأبيض إلى إجراء “مراجعة جنائية” من قبل قسم تكنولوجيا المعلومات، خلصت إلى أن رقم غولدبرغ تم حفظه في هاتف والتز نتيجة سلسلة غير معتادة من الأحداث بدأت عندما أرسل غولدبرغ في أكتوبر الماضي بريدا إلكترونيا إلى حملة ترامب.
ووفقا لثلاثة مصادر مطلعة على تفاصيل التحقيق، فقد تواصل غولدبرغ مع الحملة بشأن تقرير صحفي ينتقد موقف ترامب تجاه الجنود الجرحى. وردا على ذلك، استعانت الحملة بمايك والتز، الذي كان يشغل حينها منصب المتحدث الأمني باسمها.
وقد أحال أحد العاملين في الحملة، وهو المتحدث الرسمي آنذاك براين هيوز، بريد غولدبرغ الإلكتروني إلى والتز عبر رسالة نصية، تضمنت نسخة من توقيع غولدبرغ الذي شمل رقمه الهاتفي. وكان الهدف من ذلك إحاطة والتز بمضمون التقرير المرتقب.
وبينما لم يتواصل والتز في نهاية المطاف مع غولدبرغ، إلا أن رقم الأخير حفظ في هاتفه الآيفون ضمن جهة الاتصال الخاصة ببراين هيوز، الذي أصبح لاحقا المتحدث باسم مجلس الأمن القومي.
وقد حدث ذلك، وفق البيت الأبيض، نتيجة وظيفة في نظام “آيفون” تُعرف باسم “تحديث اقتراح جهة الاتصال” (contact suggestion update)، والتي تدمج تلقائيا رقما جديدا في جهة اتصال موجودة إذا اعتقد النظام أن هناك صلة بينهما.
ولم يكتشف هذا الخطأ حتى مارس الماضي، عندما أنشأ والتز مجموعة محادثة على تطبيق “سيغنال” تحت اسم “Houthi PC small group”، لمناقشة ضربات عسكرية ضد الحوثيين، وكان ينوي إضافة هيوز، إلا أنه أضاف رقم غولدبرغ عن طريق الخطأ.
وقد أكد والتز في تصريحات عقب الحادثة أنه لم يسبق له أن تواصل مع غولدبرغ، كما أشار خلال ظهوره على قناة “فوكس نيوز” إلى أن الرقم قد تم “امتصاصه” تلقائيا من قبل هاتفه، في إشارة إلى خاصية حفظ الأرقام التلقائية في “آيفون”.
ولم تصدر أي تعليقات من البيت الأبيض بشأن الواقعة، كما لم يتمكن التحقيق من تحديد طبيعة العلاقة بين والتز وغولدبرغ، إن وجدت. وعند التواصل معه، قال غولدبرغ: “لن أعلق على علاقتي بمايك والتز، باستثناء القول إنني أعرفه وقد تحدثت إليه”.
وقد أطلع ترامب على نتائج المراجعة الجنائية الأسبوع الماضي، تزامنا مع قراره الإبقاء على والتز في منصبه. وقد قبل الرئيس اعتذار مستشاره، ودافع عنه علنًا في الأسابيع التي تلت تسريب الواقعة إلى العلن.
وعندما غادر ترامب البيت الأبيض الخميس الماضي، رافقه على متن طائرة “مارين وان” (Marine One) كل من رئيسة موظفيه سوزي وايلز، ورئيس شؤون التوظيف سيرجيو غور، ومايك والتز، في إشارة واضحة من الدائرة المقربة إلى دعم والتز في مواجهة الانتقادات.
كما أن والتز حظي ببعض التعاطف من داخل البيت الأبيض، حيث أشارت مصادر مطلعة إلى أن استخدام تطبيق “سيغنال” كان مصرحا به رسميً، في ظل غياب منصة بديلة تتيح التواصل الفوري بين مختلف الوكالات الحكومية. ولفتت المصادر إلى أن إدارات سابقة، بما فيها إدارة الرئيس السابق جو بايدن، لم تعمل على تطوير نظام بديل لهذا الغرض.
وقد أوصى البيت الأبيض باستخدام تطبيق “سيغنال” كحل مؤقت، تماما كما كان الحال خلال مرحلة الانتقال، بديلا عن استخدام سلاسل الرسائل النصية التقليدية في التنسيق بين المسؤولين.
المصدر: “الغارديان”