هل تمضي العلاقات العراقية – السعودية نحو شراكة استراتيجية دائمة؟

تشهد العلاقات بين العراق والمملكة العربية السعودية تطوراً لافتاً يعكس رغبة متبادلة في بناء شراكة استراتيجية منسجمة مع المتغيرات الإقليمية والدولية، وبما يعزز الاستقرار والتنمية في المنطقة.
وبحسب تقرير لـ”الخليج أونلاين”، فقد استضافت بغداد في 14 نيسان/أبريل الجاري الجولة الأولى من المشاورات السياسية بين البلدين، في خطوة تعكس جدية الجانبين في توسيع آفاق التعاون الثنائي ليشمل الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية والتعليمية.
مشاورات رفيعة المستوى
ترأس الوفد السعودي سعود الساطي، نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية والاقتصادية، بينما ترأس الوفد العراقي محمد حسين بحر العلوم، وكيل وزارة الخارجية لشؤون العلاقات الثنائية. كما شارك السفير السعودي في بغداد عبدالعزيز الشمري، وسفيرة العراق في الرياض صفية السهيل في هذه الجولة من المشاورات.
ناقش الطرفان سبل تعزيز العلاقات في مختلف المجالات، إلى جانب القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مؤكدين على أهمية التنسيق المستمر لمواجهة التحديات، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب.
وأشار الوفد العراقي إلى تحسن الأوضاع الأمنية والنمو الاقتصادي في البلاد، ما يفتح الباب أمام فرص استثمارية واعدة، خاصة في إطار مشروع “طريق التنمية”، معبّراً عن رغبة بغداد في تعميق التعاون الثقافي والتعليمي والبحثي مع الرياض.
وأشاد بحر العلوم بدور السعودية الإيجابي في الساحة الدولية، لا سيما في جهود الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، مؤكداً على نهج العراق القائم على التوازن والتشاور الإقليمي.
من جهته، أشاد الساطي بالتقدم الذي يشهده العراق، مجدداً دعم السعودية لاستقراره وازدهاره باعتباره عاملاً مهماً في أمن المنطقة.
وفي ختام الاجتماع، شدد الجانبان على ضرورة تنفيذ الاتفاقات السابقة ومواصلة المشاورات بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز الأمن والاستقرار الإقليمي.
تحركات موازية
وقبل هذه المشاورات، أجرى وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان اتصالاً هاتفياً في 8 نيسان/أبريل مع نظيره العراقي ثابت العباسي، بحث خلاله سبل تعزيز التعاون الدفاعي والتطورات الإقليمية.
وفي 15 نيسان/أبريل، التقى رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني بالسفير السعودي في بغداد، وناقشا آفاق توسيع التعاون في مختلف المجالات، مؤكدين أهمية فتح آفاق جديدة للتعاون السياسي والاقتصادي والأمني.
وأعرب المشهداني عن استعداد البرلمان العراقي لدعم أي مبادرة تصب في تقوية العلاقات مع السعودية، فيما أكد الشمري رغبة المملكة في بناء شراكة قائمة على المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل.
واتفق الجانبان على تفعيل الاتفاقات الثنائية، لا سيما في مجالات الاستثمار والطاقة والتبادل التجاري والثقافي والعلمي، إلى جانب التعاون البرلماني.
شراكة قائمة على المصالح
تشير هذه التحركات إلى وجود إرادة سياسية مشتركة لبناء شراكة دائمة بين البلدين، مستندة إلى تاريخ مشترك ورغبة في تحقيق توازن في ملفات المنطقة.
ويرى المحلل السياسي جبار المشهداني أن هذه المشاورات تمثل خطوة مهمة في ظل الموقع الجيوسياسي للعراق والدور الإقليمي المحوري للسعودية، معتبراً أن “أي شراكة مع الرياض ستكون ذات مكاسب كبيرة للعراق”.
لكنه حذّر من التحديات الداخلية التي تعيق استمرارية القرارات السياسية في العراق، مشيراً إلى أن تقلب مواقف الحكومات قد يضعف فرص الالتزام باتفاقات طويلة الأمد.
وأكد المشهداني حاجة العراق إلى اتفاقات راسخة تمكّنه من تحقيق نتائج ملموسة، معتبراً أن التعاون مع السعودية في ملفات كبرى مثل سوريا وفلسطين ممكن، شريطة أن يتمتع القرار العراقي بالاستقلالية والجدية بعيداً عن الضغوط الإقليمية والدولية.
ورأى أن توسع النفوذ الإيراني في العراق يعود جزئياً إلى غياب الحضور العربي، لافتاً إلى أن تعزيز الوجود العربي في العراق من شأنه أن يُقلل من تأثير إيران وغيرها من القوى الإقليمية.